جار القمر

دي مذكرات و كتبتها من ســنين/ في نوتة زرقا لون بحور الحنيـــن/ عترت فيها رميتها في المهمـــلات/ وقلت صحيح أما صحيح كلام مخبولين !!عجبي

الأحد، أبريل ١٦، ٢٠٠٦

خمسه واربعين

حسبت الفتنة قد نامت غير ان تقديري قد ساء .. بالامس سمعت عن مناوشات مابعد القداس الذي اقيم للقتيل .. ثم عرفت ليلا عن مشاجرات دارت في شارع 45 وهو احد معاقل البلطجه في المدينه وواحد من اكثر مناطق المدينة عشوائية و فقرا .. كنت قد تشبعت تماما من عنصرية يوم الحادث .. و تشبعت اكثر مما كتب وقيل حوله .. فقررت الاكتفاء بتدوين ما شاهدته .. و متابعة الموقف من بعيد
..
وكما توقعت .. لم استطع التواصل مع زملائي الاقباط في الكليه .. كنت كمن يحمل ذنبا .. او كمن يعرف جيدا انهم لا يحبونني في اعماقهم .. وان اي محاوله للطف هي نفاق بائن .. واي محاولات للتقرب من جانبي هي كمن يكفر عن خطيئه .. انهيت محاضراتي باسرع مما يمكن و عدت الى مقهى الانترنت بجوار منزلي
..
قرات ما وصلني من تعليقات و رسائل .. و كدت اهم بالرحيل عندما اتصل بي محمد .. ناقلا لي ما ورد من اخبار عن تكرار المناوشات في شارع 45 بالعصافره .. ولان الحمق والفضول في طبيعتي يسبقان دوما الحكمه وراحة البال .. اتجهت من فوري الى الشارع الذي لم احبه يوما في حياتي .. و لا اعتقد ان ذكراه ستصبح باي حال عطرة فيما يلي من ايام
..
ما سأرويه قد يتشابه مع فيلم هوليوودي شاهدته قبلا .. الا انه للاسف .. حقيقي اكثر من اللازم
==================
في المدى لمحت مصفحات الامن المركزي وجنوده يصطفون على جانبي الشارع الواسع .. شارع 45 او محمد انور السادات حاليا هو طريق رئيسي يمتد من الكورنيش و يقطع جمال عبد الناصر ثم شريط قطار ابوقير و منه الى قلب ( العصافره قبلي) حيث الكانتونات و مراكز بيع المخدرات و الاسلحه و خلافه .. للشارع اهميه مروريه حيث يقود الى الطريق السريع و منه الى الدولى الساحلي أو/و الطريق الصحراوي .. يتفرع من الشارع عدة طرقات جانبيه تسمى مجازا بشوارع .. و عليها ارقام .. تبدا من شارع 9 في جانبه البحري بمحاذاة النفق المار اسفل شريط القطار .. حتى الكنيسه التي تدور عندها اغلب الاحداث في عمق العصافره
..
تستقبلك في بداية الشارع عمارات تحمل عبارات ( الله محبه ) و (اتحاد ملاك مينا ) وغيرها مما يدل على هوية اصحابها .. بجوارها بنايات تحمل على جدرانها ( الله اكبر ) و (محمد رسول الله ) وما شابه من عبارات تؤكد اسلام قاطنيها
..
اسير حتى اصل الى تجمع امني .. اسأل احد اصحاب المحال عن ما يجري .. الا انه ينفي وقوع شيء فيما حوله : كله تحت.. عند الكنيسه آخر الشارع
..
اصل حيث يشير الرجل .. الوضع في الحقيقه يصعب وصفه و يحتاج الى بعض التخيل
..
امام الكنيسه اعتصم حوالي المائه من الاقباط كنت استطيع رؤيتهم ولكن بدون سماع مايقولون
..
هذه صورة لموقع الكنيسه
( اضغط على الصور لتكبيرها )
..
كان الامن المركزي يحيط بالكنيسه من ثلاث نواحي كلٌ في صفين .. تاركين حماية الضلع الرابع الداخلي المقابل للارض الفضاء لبلطجيه من اهل المنطقه .. يحملون سكاكاين و مطاوي و زجاجات سفن اب تمتلىء بالبنزين و في فتحتها قطعة قماش مشبعه بماده مشتعله .. تركوا لهم ايضا مهمة غلق الشوارع الفرعيه من الداخل .. و منع دخول او خروج اي مخلوق منها .. نجحت فعلا في اختراق الحاجز رقم واحد ثم رقم اثنين حيث يقف البلطجيه ورجال الامن المركزي جنبا الى جنب ..يتسامرون و يتبادلون النكات .. و بصعوبه استطعت عبور الحاجز رقم ثلاثه المكون من بلطجيه فقط .. كان بعضهم يشم الكله و الاخر يحمل كأسا بلاستيكيا اعرف انه لتعاطي الحشيش .. عبرت الخرابه .. او الارض الفضاء .. حيث تجمع بعض البلطجيه في ركنها ليتعاطوا بعض ماذكرت .. و عند الحاجز رقم اربعه لم اجد احدا يعترضني .. فمضيت حتى وصلت الى الحاجز الخامس .. فاعترضني شاب يحمل سيفا : على فين با باشمهندس
-عايز اطلع ع الشارع
-شارع ايه
- 45
ينظر الي بتفحص ثم يسأل الظابط المسئول عن جنود الامن : اعديه ياباشا
يرد بعنف :لا
يبدا البلطجيه بالتجمع حولي .. يدفعني احدهم صارخا : ياللا ارجع من مطرح ماجيت ... امتثل لكني اكاد اركض خوفا .. اسمع احدهم يقول للآخر : خلاص سيبه يا شباره .. اكاد اسقط من الرعب .. اعود مره اخرى الى الارض الفضاء.. احاول الدخول في شارع جانبي .. المح اثنان يتبعاني .. لا اشعر الا وانا في وسط الشارع الرئيسي بين الناس .. و قد اختفي الاثنان
..
الآن اتخلى تماما عن فكرة الدخول وسط المعتصمين امام الكنيسه .. ارى تجمعا : مصطفى محمد مصطفى نائب المنتزه الاخواني في مجلس الشعب .. يقف بين اهالي المنطقه .. يحدثهم عن التسامح و الوحده و بلا بلا بلا
يصقف الجماهير و يرددون : يحيا الهلال مع الصليب
..
امني نفسي بالهدوء هذا اليوم .. لا دليل على ان احداثا جسام سوف تحدث .. اتحدث الى اهل المنطقه ..معظمهم يستنكرون ما يحدث و يرددون عبارات مثل : كلنا صحاب واخوات و دي فتنه وسخه .. سمعت كثيرا وصفا لما حدث بالامس .. هجم بلطجيو المنطقه على الجماهير التي كانت تشيع قتيل الجمعه .. فتدخل البوليس ليسقط الضحايا .. ذكر لي احد المتجمهرين ان كنيسة اخرى في اول الشارع حُرقت و سرقت مكيفات الهواء فيها .. اسجل المعلومه و اهم بالإتجاه اليها
..
فجاه نسمع صيحات و هتافات من جماعه في نصف الشارع .. اقترب منهم لاجدهم يحملون عصيا و سنجا و سيوفا و سكاكين .. بدا احدهم بالصياح : لا اله الا الله .. ويرد من وراؤه بمثل ما يقول .. يصلني اتصال من صحفيه فرنسيه كانت قد هاتفتني صباح اليوم .. انقل اليها الوضع ثم يهاتفني محمد .. وبينما نتحدث .. اسمع اصوات تكسير و تدمير .. اقترب اكثر ومعي محمد على الهاتف .. نحو المائة شاب يدمرون سياره ملاكي بعصي خشبيه و سنج حاده .. يتجه بعضهم الى محلات مغلقه اسفل بنايه كُتِبَ عليها : الله محبه .. حيث بدا الغاضبون في تدمير الباب المعدني الصلب للمحل .. بواسطه عواميد خشبيه غليظه .. بنفس التكنيك الذي استخدمه المحاربون في العصور الوسطى لاقتحام حصن باستخدام جذع شجره .. اخيرا لا يصمد الباب المهترىء للضربات المتتاليه .. ليقتحم العشرات المحل ويخرجوا بمئات من زجاجات البيره و الويسكي وغيرها من الكحوليات
..
يقول لي رجل يقف بجانبي باسما : اهم حايروحوا يسكروا بيها
..
لا استوعب الحقيقه كيف يسرق الكحوليات ثلة ممن يتردد انهم سلفيون ويرددون هم شعارات اسلاميه .. اعود الى محمد على الهاتف .. يصاب بنفس الارتباك .. سلفيين يا هيثم ولا بلطجيه ؟؟ كنت وقتها لا اعرف حقيقة .. غير ان الرؤية اتضحت فيما بعد .. قطعنا صوت تكسير زجاج عنيف ..اصعد فوق سور جيري قصير لارى جيدا .. بعض المتجمهرين يقذف بالطوب ويكسر بالاعمده الخشبيه زجاج شبابيك و شرفات عماره مسيحيه اخرى .. او قد لا تكون مسيحيه ولكن عليها لافته لمحامٍ اسمه ميخائيل .. ويبدو ان الفكره اعجبت الباقين فتفرغوا لها .. ولكن كان لا بد من مدد لوجيستي .. هو عشرات من العصي الخشبيه الطويله و الغليظه .. كتلك التي تستخدم في اقامة شوادر الافراح و العزاء.. حصل عليها المتظاهرون من مستودع خشب يقع اسفل البنايه رقم 87 شارع خمسه واربعين .. وضع البلطجيه الخشب اولا على الارض .. و بطريقه تنم عن كثير من الخبره .. قاموا بكسر المناسب منه الى اجزاء لزيادة عدد العصي .. و قام واحد منهم بتكوين صليب خشبي من الفائض .. وضع على راسه قماشة مبلله بالبنزين .. و بدا في حرق الصليب وسط تهليل الجماهير
..
تبين ان صاحب المستودع او المخزن هو رجل يقطن في الدور الثاني من البنايه .. اصلع و يرتدي بيجامه زرقاء اللون .. خرج الرجل بكل هدوء ليقف في الشرفه .. متلقيا العشرات من الحجاره التي يلقيها المتجمهرون على بنايته و البنايات المجاوره .. و بعد دقيقه بدا الهجوم المضاد .. قطع من الرخام المكسر كان يبدو انه يحتفظ بها في شرفته بدأت تهوي على رؤوس مهاجميه .. وبينما اصف لمحمد ما يحدث .. وجدت موجة بشريه من العشرات تعدو نحوي .. خفت بالطبع و قررت الاختباء في شارع جانبي اصبح دخوله متاحا بعد انسحاب الشرطه
..
لا بد هنا ان اذكر بقرف شديد .. ظباط الشرطه من مقدمين ولواءات .. ممن تفرجوا باستمتاع شديد على العرض الذي حدث .. بل وشاركوا فيه اصدقائهم على الووكي توكي و اجهزة المحمول .. دون حتى اي محاوله للتدخل
..
عامة كانت الجماهير تركض فرارا من شيء ما لم اتبينه .. وعندما عدت كان المتحمسون قد تجمعوا ثانية اسفل بناية الرجل .. حاولت استطلاع ما حدث فتبرع احدهم بابلاغي : الراجل المخبول رمى انبوبة بوتاجاز مولعه على الناس بس الحمد لله مافرقعتش
..
بالطبع اصبت بما يجب ان ينالني من صدمه .. ولم اصدق الا بعدها بثوان حين رأيت بام عيني الرجل يرفع انبوبة بوتاجاز اخرى .. فوق سور الشرقه .. ثم يشعلها .. و يلقي بها فوق رأس المتجمهرين .. الذين ركضوا في اتجاهات مختلفه هربا من الانفجار المحتمل
..
لن استطيع طبعا وصف مقدار الرعب الذي اصابني لحظتها .. وفي المسافه بين شرفة الرجل وارض الشارع توقف الزمن حرفيا بالنسبة لي .. كنت قريبا بما يكفي لتصيبني شظايا الانفجار غير ان الانبوبه المشتعله لم تنفجر .. فقط اصابت شابا يحمل سيفا لانها سقطت على قدمه مباشرة .. حتى الآن تتكرر في ذهني صورة الرجل الواقف في شرفته مستعدا للانتحار .. كان يعلم جيدا ان انفجار الانبوبه يعني مقتله و مقتل مالايقل عن المائه .. اتمنى ان تختفي تلك الصوره من ذاكرتي قريبا .. وان كنت لا اعتقد
...
هذه صوره للعقار مسرح المعركه
:

(اضغط على الصوره لتكبيرها )
..
جن جنون الناس بعد رمي الانبوبتين .. ويبدو ان الرجل قد جن جنونه ايضا فبدأ بتكسير سور شرفته المبني من الطوب الاحمر .. وقذفها على المتظاهرين .. تلا ذلك عشرات من قطع السيراميك المكسوره .. هوت على رؤوس و اعناق المتجمعين اسفل المبنى لتسبب جراحا من القطعي الى النافذ
..
اسمع بين الزحام صوت ظابط يتحدث في مكبر صوت محمول مخاطبا من اصطف على الرصيف من جماهير : يالا يا روح امك انت وهوه .. عايزين تفضلوا ادخلوا اضربوا معاهم .. او كل واحد يروح على بيته
..
ادخلوا اضربوا معاهم ؟؟؟ اي شاركوا في الاعتداء ؟؟ لم ولا استوعب ماقيل حتى الآن .. لكن اقسم ان هذا ما قيل بالحرف .. اتمنى ان يعضدني اي من شهود العيان .. بصراحه لا الوم من لا يصدق فانا شخصيا لازلت مشدوها من هكذا برود اعصاب وانعدام ضمير
..
جن جنون البلطجية كما قلت .. فاحتشدوا على باب البناية الحديدي محاولين اقتحامه .. ولانه ليس ( صاجا ) كباب المحل و المستودع .. اخذ كسر الباب اكثر مما ينبغي ..ولكنه لان في النهايه.. وساعتها ايقنت ان صاحب الانبوبتين ميت لا محاله
..
في هذه اللحظه .. وصل الامن المركزي اخيرا .. او فلنقل انه تحرك بعد ان استمتع بالفرجه .. او بعد ان وصلت تعليمات لظباطه بالتحرك خاصة عقب ان بدات كاميرات الجزيره و العربيه في الظهور .. عامة وصل الجنود بدروعهم الشفافه و قنابلهم المسيله للدموع ..ورصاصهم المطاطي .. وبينما انا اتحدث الى محمد .. تطايرت فوقي القنابل المسيله .. ومن حولي مطاط الرصاص .. لاستنشق رغما عني الغاز الشهير للمرة الاولى في حياتي .. واجد نفسي ابكي حقا .. مع شعور مريع بالتهاب في الانف و جفاف في الحلق وصداع .. مازال يلازمني حتى الآن
..
ركضت نحو احدى الشوارع الفرعيه .. ثم اتصلت بالصحفية الفرنسية .. وبينما اسعل بشده .. اخبرتها بالموقف .. ووصفت لها مايحدث .. كان همي ان اشارك كل ماجرى مع اي احد ..لا اكثر ولا اقل
..
الآن انا متاكد ان صاحب الانابيب سيلقى مصرعه .. اليوم كان او غدا .. مالم تحمه الشرطه .. المؤكد هو ان الرجل لن يعيش في بيته بعد الآن .. ترقبوا معي نبأ مقتل الرجل في الصحف
..
انا الآن اقف في شارع جانبي شعبي نافذ الرائحه .. في الشارع الرئيسي امامك تستطيع ان ترى معركه تدور وسط الدخان الابيض بين الاهالي و الجنود .. استريح الان على جدار قديم و بجانبي رجلان احدهما شيخ نتفرج معا كما لو كنا في سينما .. يشير لي الشيخ حيث يضرب جنديا رصاصه في جميع الاتجاهات : دول بهايم دول .. اللي فوق همه اللي مدبرينها
..
يتدخل الرجل الآخر في الحوار فجأه : بس اللي مهيجين الدنيا دول حبة عيال .. كلاب من بتوع ورا الفرن ( منطقه ) بيضربوا بيسه وبيره و حقن طول اليوم
..
اتدخل لافهم : بس دول بيهتفوا لا اله الا الله و كده؟؟ هم مش سلفيين
..
يجيبني الشيخ : لا المسلمين مايعملوش كده .. المسلم من سلم المؤمن من لسانه و يده , دول كفره ولاد كلب .. حتى المسيحي مايعملش كده المسيحي لو ضربته على خده اليمين يدورلك خده الشمال , العيال دي ولا بتروح جامع ولا كنيسه
..
اسأل : امال ايه ؟؟
..
يجيبني شاب عشريني يدعى احمد انضم لنا : دول عيال بتاعت هوجه , صيع , طالعين عشان يسرقوا حاجه .. دول مش لاقيين ياكلوا .. يعني لو هم كانوا محموقين قوي ع الاسلام , كانوا كسروا محلات الدهب .. و السنترالات و سرقوا الكمبيوترات ..؟؟
..
تتضح لي الصوره الآن .. صوره من احداث محرم بيه و غيرها من حالات المرج التي تصاحب الفتن والاضطرابات .. اختلط الحابل بالنابل فسرق الجميع ما يرونه حقا في اموال المسيحيين .. ارمق الجماعات تتحرك من بعيد في اتجاه الشمال .. انتبه .. بينما ينضم لنا باقي شباب الشارع .. يتحدثون عن بوكه .. و مصير بوكه
..
اسأل احمد الذي احسست بالفه معه : مين بوكه؟؟
يرمقني للحظه ثم يفاجئني : انت ايه اساسا؟؟ بوليس؟؟ وريني بطاقتك
يتجمع حولي ثلاث من اصدقائه ... اخرج محفظتي .. واريه بطاقتي .. يبتسم عند قرائتها و يقول : ايوه مادام اسمك فيه محمد يبقى تمام
..
ابتسم بعصبيه
..
يسلمها لي ثم ينظر في الاتجاه الاخر : بوكه ده عيل لسه مادخلش مدرسه.. اخو الواد هيمه صاحبنا .. وقعت عليه رخامة من عمارة الكلب المسيحي ده .. فتحت دماغه .. مات في ساعتها
..
اساله مؤكدا : مات ؟؟
يجيب اخر شديد السمره : ايوه مات في ساعتها .. الواد دماغه رهيفه .. و البلاطه جت فيها زي بوز السكينه
..
اصمت لفتره .. بينما يسأل احمد اصدقائه عن باقي الشله : ازي كاشانزوفا دلوقتي .. اخد واحده في دراعه امبارح .. واحمد هوجان برضه .. اتعور في الهيصه بتاعت امبارح .. اساسا انا كنت واقف على قمة شارعنا و الرصاص عورني بص وشي
..
الاحظ للمره الاولى الجروح على وجهه .. شظايا صغيره كالتي درسناها في الطب الشرعي .. ربما لاحظتها قبلا لكنني تصورتها جزءا من حياة هؤلاء .. يرد عليه صديقه الغامق السمره : ده انت كده كويس .. امبارح كان وشك كله دم
..
اتركهم بعد ان هدات حدة القتال .. اعبر الشارع الواسع امام مصفحة الامن المركزي .. حرفيا لا اسير على الاسفلت .. اسير على شظايا زجاج و سيراميك و مواد لا اعرف كنهها , اتجه الى المنزل حيث يقطن بطل الانابيب ... بنايه مسيحيه كما توقعت .. رقم 87 .. اسفلها تبكي سيده ترتدي ( ايشاربا ) على الطريقه القبطيه وتحتضن ابنتها
================
اسير حتى اول الطريق حتى اصل الى شارع 10 المتفرع منه .. كان المرور ممنوعا في 45 و كان لا بد ان اسلك طريقا جانبيا .. سألت عن الكنيسة التي اخبرني الرجل سابقا انها احترقت ليلة امس .. الكنيسة تقع في شارع السد او دار السلام المتفرع من شارع 10 و ملك حفني على السواء .. بين الكنيسه و شريط القطار 50 مترا لا غير .. امامها حراسه صغيره لا ترقى للحدث الجاري .. درت حولها لاتبين الخسائر : شبابيك زجاجيه كسرت .. و اثار حريق على جدارها البيج التقليدي .. ثلاث مكيفات هواء معلقة من توصيلاتها و مهشمة تهشيما تاما .. احاول الدخول و التحدث مع اي شاهد داخل الكنيسه .. ذكرت انني صحفي من القاهره .. رفض رجل بملابس مدنيه دخولي و طالب بالكارنيه .. ندمت ساعتها كما ندمت كثيرا هذا اليوم على عدم وجود كاميرا معي .. سألت كهلا في كوخ مواجه للكنيسه عما حدث فاجاب بحذر ان شبابا احرقوا مقاعد و القوا بها على الكنيسة ليلة امس قبل منتصف الليل بقليل .. شكرته و اتجهت الى شريط القطار حيث ساعبر الى الجانب البحري و استقل ميكروباصا الى بيتي
..
بمجرد خروجي من الشارع ... سمعت صوت تدمير و هرجا صاخبا عن يميني .. مئات الاشخاص تجمعوا امام مستوصف خيري اسمه ام النور ..وهو قبطي بالطبع .. ليكرروا ما حدث في شارع 45 .. غير ان هذه المره تميزت باعداد اضخم بكثر .. قدرتهم فعلا بعدة مئات .. طردهم الامن من شارع 45 فتجمعوا هنا حيث لا تستطيع عربات الامن الوصول .. امتدوا على طول الشارع وفوق شريط القطار الاعلى بقليل .. حيث استغل هؤلاء ( الزلط ) الذي يوجد بين القضبان في قذف المستوصف المواجه للشريط به
..
وصلت قوات حكوميه هذه المره باسرع من سابقتها لانها استخدمت اقدامها في الحركه .. وصلت قاذفةً بالقنابل المسيله والرصاص المطاطي .. ليهرب من قدر له باتجاهي .. والباقون في الاتجاه المعاكس .. و بذا انقسم الجيش الصغير الى فريقين ..فريق عن يميني و اخر عن يسارى ..وخلال مرور الفريق الاخير امامي .. عُرٍضت امامي سحناتهم و اسلحتهم و كلامهم لبعضهم البعض .. رجل ثلاثيني يحفز رجاله ليجمعوا انفسهم و يعاودوا الضرب .. شاب يحمل سيفا و ينظر لي بارتياب .. مشكلة تلك المناطق ان كل ساكنيها يعرفون بعضهم البعض .. واي غريب هو دخيل لا بد من الشك به .. اخرون يقتحمون مقهى بلدي ليسرقوا كراسيه و يكسروها ليستخدموا ارجلها كعصي للضرب .. شاب يحمل مولوتوفا وينظر الى الموبايل في يدي بطمع بينما اكلم محمد للمره الخامسه هذا اليوم .. اؤكد على محمد ان كان يسمع صوت الرصاص .. يصل القطار في تلك اللحظه لكنه لا يستطيع الحركه ... يوقف الغاضبون القطار و يحاولون جذب ركابه بعد رميهم بالطوب و ضربهم بالعصي الطويله .. توقف القطار تماما ... عن يميني بدات قوات الامن بضرب المتظاهرين بالقنابل المسيله للدموع .. و عن يساري كذلك مئات البلطجيه يقذفون بالطوب و الاحذيه و المولوتوف كل مايمر .. صرت بالفعل محصورا بين طرفين و قطار ثابت لا بد من عبوره حتى اصل الى الجانب الاخر (وضحت موقعي في الصوره اسفله بالسهم الاصفر) .. لمحت ثغرة في سور القطار ينفذ منها الناس فقفزت مع القافزين و عبرتها .. ساعتها كان الضرب على اشده و الصراخ يصم الاذان .. كان الحل الوحيد امامي هو تسلق القطار ثم عبوره الى الجانب المقابل .. وقبل ان افكر في كيفية القيام بذلك .. بدا القطار في التحرك تدريجيا .. ببساطه لان من اعاقوه تقهقروا ليعاونوا زملائهم في الجانب القبلي
..
(اضغط على الصوره لتكبيرها)
..
بدون ان اشعر كانت اذرع الناس تسحبني انا وغيري لنتسلق القطار .. بقائي في موقعي كان مخاطرة .. فاي رصاصه او بلطجي كانا كفيلين بجرحي على اقل تقدير . كان ركوب القطار المتحرك مخاطرة كذلك .. غير انها اقل من الاولى .. ووسط وابل من الرصاص و القنابل .. نجحت في ركوب القطار و العوده الى حيث ادون الان بعيدا عن كل ما يحدث من معارك سيرياليه
..
اقدر جدا ان لا تصدق كلمة مما قلت ... هذا طبيعي .. لكن ان استطعت التصديق .. ارجوك ان تفكر فيما يجعل شعبا يفترض انه من البشر يتصرف بهكذا حيوانيه .. فكر انت يا قارئي فقد زهدت التفكير .. فليس له من مكان في هذا البلد
..
سؤال اخير لمصدري بيانات الحكومه ... كم مختلا عقليا برأيكم .. رأيت اليوم
؟؟؟؟