يا خالق الكون بالحساب و الجبر

تتكون العين البشريه من جزئين اساسين : امامي و خلفي

تختص العين الاماميه اساسا بتجميع الضوء القادم من المصادر البعيده و القريبه .. و تركيز هذه الاشعه في نقطه محدده عن طريق جهاز مكون من عدة عدسات و كواسر ضوئيه معقده بعضها سوائل و بعضها صلب و بعضها الاخر جيلاتيني التكوين

..

الجزء الخلفي من العين -الشبكيه- يختص اساسا بتكوين الاشاره العصبيه بطريقه كيميائيه معقده للغايه عن طريق خلايا حساسه للضوء .. تنقسم بدورها الى نوعين : العصي وهي الاكثر عددا و انتشارا في الشبكيه تختص بنقل و استقبال الضوء الخافت .. دون تمييز اي الوان

..

و الاقماع و هي الاقل عددا و انتشارا .. تتركز تقريبا في نقطه واحده تعتبر اكثر الاماكن حساسيه في شبكية العين و تختص الاقماع بتمييزالألوان عن طريق ثلاثة انواع رئيسيه تختص بالاحمر و الاخضر و الازرق و ان كان تستثار فقط بضوء اكثر ابهارا من ذلك الذي يؤثر في العصي

تتأثر العصي و الاقماع بموجات الضوء المستعرضه .. بشرط ألا يزيد طول موجاتها عن 700 نانوميتر و الا يقل عن 400 نانوميتر

لذا تعجز الشبكيه عن تكوين اي صوره اذا كانت اشعة الضوء المستخدمه هي اشعه فوق بنفسجيه (( اقل من400 نانوميتر)) او تحت حمراء اي اكثر من سبعمائه

..

تصل الينا اشعة الشمس حاملة اطيافا ضوئيه تتعدى هذه الحدود بكثير ولكن العين خلال رحلة تطورها اختارت الموجات الضوئيه الوسيطه لتتكيف عليها و لتكون صورة العالم من خلالها

..

تخيل معي عالما مشابها لعالمنا.. تؤدي طبيعة نجم مجرته .. أو غلافه الغازي الى وصول الاشعه فوق البنفسجيه فقط اي ما تحت الاربعمائه نانوميتر فقط

..

هل تتكون العين يا ترى بنفس الشكل و التركيب الذي ذكرته سابقا؟؟

و ماذا ياترى ستكون صورة العالم في هذه الاعين؟؟ مفهوم الجمال ؟؟ تعريف الالوان ؟؟ الفن ؟؟

و هل سيختلف سلوك البشر تبعا لهذا الاختلاف؟؟

..

هل كنا سنشهد ايضا من يتشدق بجمال الكره الارضيه و تناسق عناصرها و الوانها و اشكالها ؟؟

و من يدعو للتامل في جمال السماء و البحار للوصول للحقيقه المطلقه ؟؟

..

اكيد طبعًا

..

: مثال آخر

معظم انواع الخفافيش - و ليس كلها- تكون صورا متكامله عن العالم الخارجي عن طريق تقدير مسافة ارتداد موجات الصوت

عن سطوح الاجسام الثابته .. والمتحركه ايضا بعد حساب ازاحة دوبلر الشهيره

..

يا ترى ما صورة العالم لدى الخفاش المغرد مثلا ( بصفته صاحب اعقد نظام صوتي ادراكي حي ) .. هل نتفق مع اختلاف الوسطين الفيزيائيين الناقل لكل منهما؟؟

..

تخيل عالما حيث يعقد مؤتمرا من خفافيش مثقفه و عمياء تماما .. يصيبها الوجوم حين يقال لها ان حيوانات اخرى هي البشر تستخدم موجات اكتشفت حديثا .. تسمى الضوء في تحسس طريقها

..

وان هذه المخلوقات محل الدراسه تستخدم الصوت في صورة دمدمات معدوده بطيئه الى حد الثقل و لا يستخدمون الاصوات الا بطريقه بدائيه و لاغراض تافهه كاتصالهم ببعضهم البعض

..

اجهزة استقبالهم -اي البشر- بدائيه للغايه و غير متطوره .. إلا انهم يمتلكون بدلا عنها اعضاء على درجه كبيره من التطور و الرقي تدعى الاعين ... الشمس هي مصدر الضوء الاساسي , و يتمكن البشر من استخدام الضوء عن طريق اداه بارعه هي العدسه التي يبدو انها محسوبه رياضيا بحيث تكسر الاشعه الصامته بزوايا تمكنهم من تركيزها و استخدامها في الملاحه و ادراك العالم بنفس الطريقه التي ندركه بها و لكن باستخدام الاصوات

..

من يا ترى اكثر تعقيدا من الآخر ؟؟

ومن فينا خُلق العالم ليلائمه ؟؟

..

وهل يعيش بين الخفافيش من يتغزل في جمال الصوت كطاقه سماويه عليا ؟؟

احتمال كبير

...

نظام الارض البديع للمحافظه على حرارتها , تعقيد الغلاف الجوي و ملائمته للحياه , بعدنا المثالي عن الشمس , نظام اجسادنا الكيميائي

المتقن و سلاسل الغذاء و الاتزان البيئي المتكامله

لماذا هي جميعا رائعة و متقنة و مصممة بالتمام لتلائم حياتنا ؟؟

لا اعرف كيف تقتنع عقول كثيره بخلق كل هذه المتغيرات لكي تناسبنا .. و لا تقبل ابدا في نفس الوقت احتمال ان يكون جنسنا البشري هو الذي قد تطور ليلائم هذه الظروف

..

ماذا لو كان الماء هو مصدر الاكسجين الوحيد , هل كانت تتطور الرئات الثدييه؟؟

او لو كان الهيليوم مثلا هو غاز الحياه على الارض.. هل كانت دوراتنا الدمويه و خلايانا ستتكون بنفس الشكل؟؟

هل كانت الحياه ستتكون على سطح كوكبنا كما نعرفها الآن ؟؟

...

ما تعريف الحياه على اية حال ؟؟ هل هي نسختنا منها ؟؟ هل يحتمل وجود حيوات شفافه او تحت ارضيه او هوائيه او حتى شمسيه ؟؟

هل تحتاج الحياه الى ارضيه عضويه , او غذائيه او تنفسيه دائما ؟

يذكرني الموضوع بافلام الخيال العلمي الاميركي التي تتناول مخلوقات الفضاء . او حتى الحيوانات الناطقه

..

دوما يصر صناع هذه الافلام على طبع التعبيرات و الصفات البشريه على هكذا مخلوقات

اقدام , اعين , شر , خير , انتباه , ترقب , تخطيط , اندهاش , قبح , جمال

..

كلاب تغني , نمل يحب و يرقص و مخلوق فضائي يشتاق للعوده الى وطنه

..

..

لماذا ننظر للعالم من نافذة خبراتنا و مفاهيمنا ؟؟

الا يحتمل ان يكون لكل عالم مفاهيمه الخاصه ؟

ما هذه الانانيه البشريه ؟؟

لا استطيع ابدا قبول صفات بهكذا اطلاق لبناء قناعات مصيريه

..

اعتقد أن العالم اكثر نسبية بكثير من ان نطمئن هكذا لطريقة صناعته