جار القمر

دي مذكرات و كتبتها من ســنين/ في نوتة زرقا لون بحور الحنيـــن/ عترت فيها رميتها في المهمـــلات/ وقلت صحيح أما صحيح كلام مخبولين !!عجبي

الأربعاء، أبريل ١٩، ٢٠٠٦

خمسه واربعين : شهادة أُخرى

اسماء سليمان .. ناشطه حقوقيه من القاهره .. كانت شاهدةً على ماحدث في شارع خمسه واربعين يوم الاحد الماضي ,حيث تمكنت من اقتحام صفوف الامن الى حيث اعتصم المسيحيون امام الكنيسه وهو ما عجزت انا عن فعله .. اسماء كتبت شهادتها عما رأته هناك ...و تفضلت مشكوره بارسالها لي من اجل نشرها بعد ان تحملت ليومين الحاحي المستمر و سخافتي في تكرار الطلب ... اقرأ اسماء
:


أنت أكيد في مصر
شهادةأسماء سليمان


عرفت عن أحداث الإسكندرية عندما جاء الخبر في أهم الأنباء بالتلفزيون المصري , أخبرت زميلتي بالمكتب حتى نتعرف على الأحداث اكثر ونقوم بكتابة بيان , توجهت إلي المكتب رغم مرضى لان الموقف استفزني كثيرا , بدر بذهني أحداث الحرم الإبراهيمي واستيائنا مما حدث للمصلين , تابعت أحداث يوم الجمعة عبر الايميل ويوم السبت علمت بما حدث أثناء تشيع الجثمان , قررت الذهاب إلي الإسكندرية وفى الطريق رأيت الكثير من سيارات الأمن المركزي والعربات المصفحة ما بين الكيلو 70 –78 حاولت التقاط بعض الصور من السيارة فتضاربت ردود الأفعال الركاب بين مؤيد هم بمساعدتي على فتح الزجاج و أخر معترض يريدني أن اذهب إلي المطبخ , وصلت إلي الإسكندرية لأقابل صديقة لزميل لي كنت قد تكلمت معها من القاهرة لترافقني في متابعة الأحداث , لم يظهر وجود أي شيء , توجهت في الصباح الباكر إلي كنيسة الحضرة " مار جار جس " ولأني لست من أبناء الإسكندرية لم اكن اعلم الكثير , سالت سائق الترام عن كيفية الذهاب فوصف لي الطريق , قائلا أن الأحداث دى مش مفهومه لأننا طول عمرنا عايشين مع بعض عمر ما حدث حاجة , دى واحد بيقوله عليه مختل فأجبت مختل أزاى وكيف انتقل إلي ثلاث كنائس دون أي يعيقه شئ , ووصف لي بأنه أثناء حرب أكتوبر كان ضمن سلاح المظلات وان الرصاص لم يفرق بين مسلم ومسيحي , توجهت إلي الكنيسة.. لم يسألني أحد عن شخصيتي رغم الأحداث التي من العادي أن تجعلهم خائفين , وقفت أمام حجرة الصلاة لأجد فتاة سألتها عن كيفية مقابلة الأب.. سالتني عن السبب فأجبت بأني قادمة من اجل تجميع شهادات عن أحداث يوم الجمعة , ردت دون أن تسألني عن ديانتي , بان الأب يقيم القداس " ممكن تيجى بعد ربع ساعة" , فأجبتها سأحضر بعد الوقت المحدد , وفى ذلك الوقت أردت التجول بين الكنائس , زرت كنيسة محرم بك التي اكتشفت فيما بعد أنها صاحبة أحداث المسرحية وكانت هادئة, فرجعت مره أخرى إلي الحضرة حيث رأيت العديد من الأقباط خارجين يهنئون بعضهم بالعيد , سألني أحد الأشخاص عن سبب وجودي فاجبت لمقابلة الأب فقد أردت أن استأذنه في سماع شهود الواقعة
فرد: سوف أساله أنا واحضر إليك الإجابة
انتظرته أمام الكنيسة مما جعل مخبرين الأمن يعرفوا أنني غير أتيه من اجل القداس , فتوجه لي عسكري وقال كلمى الضابط , بدأ الرعب من حيث لا أدرى و تبادر إلى ذهني العديد من الراويات , استجمعت كل ما املك من شجاعه وقلت
:
- نعم?عايز ايه ؟
- الضابط : أنتي رايحه فين
- هقابل الأب
بدا على وجهة بوادر بان طلبي سيرفض
- الضابط : أنت مين؟ صحافة ؟
- لا حقوق إنسان
- أه طيب مش تستأذني

- أنا فعلا أستأذن لمقابلته فقد أرسلت أحدهم وسيأتي بالرد
- لأ قصدي تستأذني منا
فهمت ما يقصده ورددت بنفس الإجابة التي أرادها ,
- معلش يا باشا لكن أنت عارف
- فقال شوفي هيدخلوكى ولا لا وقو ليلنا
ذهبت إلي الجانب الأخر حيث كنت , وجاء الشاب ليقول بان الأب سوف يقابلك بعد ربع ساعة وذلك بعد ان يخرج الناس وعلمت فيما بعد بان اسمه جورج , وأجلسني على كرسى بجانب الكنيسة ومضى, جاء رجل في الستين من عمره ليقول لي " أنت قاعدة في الشارع ليه "
- أنا اسفه لكنى انتظر الأب
- ليه؟؟ أه علشان يوم الجمعة , شوفي المهم مش إيه اللي حصل المهم مين وراء اللي حصل وليه بيعملوا كده , متخفيش دى حاجات عادية .

تركني وحمل معه كل الخوف الذي بداخلي , وددت أن أقول له بأني أريد أن يتحدث اكثر , أغلقوا باب الكنيسة الكبير فتوجهت لمقابلة الأب , قابلت شخصا قال : لماذا جئتي لن يقابلك الأب , أردت أن أثور عليه مثلما افعل دائما , ولكنى قلت أن لدى موعد معه إن لم ترد أن أقابله فاعتذر له قبل مغادرتي فأدخلني إلى غرفة جانبية تذكرت فيها كيف يفعل رجال أمن الدولة مع المقبوض عليهم حين يتركوه يحترق مع دقات الساعة , وقبل أن يأتي الأب جاء جر جس ليروى لي تفاصيل الحادث وبعد ما سمعت الكثير من الشهادات يمكنني القول بان الرواية كالتالي
:
قام شخص بمهاجمة ثلاث كنائس في الإسكندرية وهم ( القديسين سيدي بشر – القديسين " دوماديوس و ماكسيموس " العصافرة – مار جر جس الحضرة ) وقد وصفة رواد كنيسة مار جر جس بالحضرة شخص حمل سكينا تشبه السيوف تستخدم للتقطيع في السوبر ماركت وتوجه إلى كنيسة مار جر جس وبعد دخول الكنيسة وهى عبارة عن بنيان من ثلاث طوابق بالطابق الأرضي مدخل في يمين المدخل ممر ثم حجره للحارس أما في مقابلة الباب وبعد ثلاث درجات للسلم نجد مكان الصلاة هو باب ضيق من بعده مكان لأقامه الصلاة و يسارا تجد سلالم للأدوار العليا , وفى الخارج لم يكن يحرسها حتى عسكري عجوز , وقد دخل الجاني إلي الكنيسة ثم الباب الأمامي مباشرتا وقال ( يا كفار أنا هقتل عشرة منكم )فانتبه إليه الموجودين بجانب الباب فأغلقوا الباب خوفا على قدسية المكان , فاصبح في الخارج ثلاث رجال وأمراه في مواجهة محمد فقال للمرأة ( نحن لا نقتل نسائهم ولا أطفالهم ) وتوجه إلي الأول وضربه في بطنة وعندما راء الأخريين ذلك تواجهوا إلى أعلى فاتبعهم حتى ضرب الأخر وهرب الثالث إلى الأسفل مره أخرى حيث تابعة وضربة وخرج ليتوجه إلي كنيسة القديسين بسيدي بشر , أما عن المصابين فجميعهم في المستشفى الأميري تحت حراسة مشددة..
وفى كنيسة القديسين بسيدي بشر و التي تبعد بالسيارة عن منطقة الحادث الأول حوالي 30 دقيقة , حتى انه لم يعرف أحد كيف انتقل القاتل اليها , وهى تختلف في البنيان عن كنيسة الحضرة ويوجد بها بابين الأمامي باب حديدي يفتح في الأعياد وباب أخر صغير ويسارا يوجد سلالم في أخرها الباب الثاني التي يوجد به حارس للأمن , يبعد عنها بخطوتين مسجد شرق المدينة, قام محمد بمهاجمة الموجدين أمام الكنيسة و أسفر ذلك عن موت مسيحي إصابة عشره وتم نقل المصابين إلى المستشفى , وقد تجمع المسيحيين الموجودين بالمنطقة , ورددا هتافات تندد بالاعتداءات وتحمل المسئولين ضياع حقوق الأقباط في مصر و أما عن كنيسة العصافرة فقد أفادوا شهود عيان بإحباط أخر هجوم للجاني الذي تعرف عليه بعض شهود العيان , وحين صرح المسئولين بان الجاني مختل عقليا رفض كل من المسيحيين والمسلمين ذلك المبرر واعتبروا إن إلصاق التهم بالمختالين عقليا أمر غير مقبول نهائيا ,
..
وجاء الأب فسألته : هل تعتقد أن الفاعل مختل عقليا
فأجاب : لا طبعا مختل أزاى والمختل هيعرف يقول " نحن لا نقتل نسائهم ولا أطفالهم " طيب لو مختل جيه الكنيسة ليه مقتلش أمه ولا حد من جيرانه , وقال أن وسائل الأعلام هي أحد أسباب الأزمة وذلك حين يتكلم رجل دين ( مسلم ) ويقول كفار و بيقولوا على الله ثلاثة.. مفيش احترام للأخر , كمان ليه بتفرق الحكومة بين المسلمين والمسيحيين في الوظائف , هي دى الفتنة الحقيقيه , إحنا عايشيين في أمن لكن اتعودنا على الهجمات و دي مش أول مرة , التليفزيون الحكومي يخلى شيخ يقول كل اللي في نفسه من غير رقابه , كما أضاف الأب بان الثلاث مصابين مازالوا في المستشفى لتلقى العلاج
..
توجهت إلي كنيسة القديسين لمعرفة المزيد من الشهادات ,فقابلني مينا وقال كل شئ في كنيسة 45 أنتي رحتيها فقلت سوف اذهب و أجاب أنا ذاهب سوف أخذك معي , وقبل أن اذهب قال لي رجل مسيحي لم اعرف اسمه أنا حاربت في 73 الرصاص مفرقش بين مسيحي ومسلم الجهل هو اللي بيفرق , دعاني على الغداء رغم علمه بأني مسلمة وقال أم العيال في البيت تعالى اتغدى معانا زمانك جعانه ,شكرته و ذهبت الي 45 كان الشارع مليان صيحات " المسيح هو الله " وبالطرف الثاني " لا اله إلا الله محمد رسول الله " لم أتعرف على الأحداث من البداية مكثت فتره حتى اعتاد الوقوف بين كل هذه الأعداد من رجال الأمن , احسست بالحماية لوقوفي مع مسيحي فالجميع في هذا الطرف يعرفونه حتى رجال الأمن , فقد سهر بهذا الشارع حتى صباح اليوم , حكى لي مينا عن الجنازة وان السكان قد القوا المهملات وبعض الزجاجات وهم مارين بالشارع وان المسيحيين ردوا , أعجبني انه لم ينكر أخطاء أولاد دينه , استأذن هو رجال الأمن حتى وصلت آلي أخر صف وكنت أمام كنيسة القديسين بالعصافرة تماما لا يبعدني عنها سوى صف واحد من رجال الأمن المركزي واستطعت ان أرى الجانب المسيحي , هم مجموعة من الفتية لا تتجاوز أعمارهم 20 عاما يحمل البعض سكاكين كبيره تشبه السيف و آخرون يحملون عصيانا ملفوفة بسلك شائك , دخل مراسل لإحدى الفضائيات وخرج دون ملابسه وبه الكثير من الجروح , مكثت هناك منذ الواحدة أي في بداية أعمال الشغب لا أريد أن أقول إنها فتنة طائفية , ليس لأني أخاف منها فقط ولكن كل ما رايته لا يحوى أعمال فتنة , وإذا ظن البعض ذلك فسأشك في قواى العقلية لكنى لن ادخل كنيسة ولا جامع واقتل بها أحد فهي دور للعبادة لا للقتل , حين وقفت في ذلك المكان رأيت القليل من المراسلين الصحفيين اغلبهم أجانب, أردت الدخول للاقتراب من الكنيسة فقال لي ضابط : حقوق إنسان إيه مش لما يكون في زفت الأول يبقى فيه حقوق , وددت أن ألقى عليه خطبه لكنى عزفت عن ذلك بعد معرفتي للإجابة , الإجابة سريعة سألقى أنا الخطبة و يلقينى هو في اقرب سيارة اعتقالات , وقفت التقط بعض الصور , لكنى شعرت أنى أمام خناقه في عزبة أبو قرن, الأمن يحاصر المسيحيين من كل جانب والمسلمين يخرجون من الشوارع الضيقة لإغاظة الجانب الأخر تحت مرأي ومسمع من أجهزة الأمن و البلطجية , بين الحين والأخر كان يخرج من الكنيسة بعض الأباء ليدخلوا الفتية بالكنيسة ولكنهم يرفضون , مر الوقت دون حدوث شئ غير عند دخول او خروج مسلم في الإسعاف , فتذكرت محمد صبحي لما قال " الحمار مرضيش يدخل وهو دخل " طال الوقت و أنا وحيده جلست أدون بعض النقاط لأجد الكثير من عساكر الأمن ينظرون في كتاباتي فلما نظرت إليهم قالوا : ممكن نقرأ معاكى , فقلت طبعا لا , ورد أخر: يعنى إحنا بنعرف نقرأ !!! , تبادلنا الأحاديث والمياه , فسألتهم أتعلمون الى أين تذهبون قال إحدهم نعم , وقال أخر مش أنتي حقوق إنسان الضابط بيشد علينا و بيضربنا قوى
..
سالتهم عن الحادث فقالوا
:

- المفروض يحطوا دول على دول ويسيبوهم يضربوا بعد ولا يخرج نكمل عليه إحنا .
- امبارح كان بهدله ضربنا رصاص حي .
- و أنا برفع البندقية الطلقة نطت راح الضابط قالي جدع .
- الناس كسرت المحلات امبارح , و سرقوها
- سألته وانتم عملتوا إيه قال : إحنا تبع الأوامر اضربوا نضرب وهما مدوناش أوامر .
- الناس بترمى علينا ازايز من الشبابيك طيب إحنا مالنا .
..

مر الوقت ونحن نتبادل الأحاديث مع كل منهم عن ما حدث في كل مكان ومن أين أنت وما هي المشاكل التي تواجهك, حتى سالت الضابط الموضوع هيخلص أمتي فرد ساعة واحدة , كنت اعلم انه لدية شئ من اثنين إما حيله أو ان الجيش قادم , لم أرد أن يدخل الجنود إلى الكنيسة لاني اعتبرها مكانا مقدسا , بدأت أتحرك بالمكان , كان بجانب الأمن المركزي وعلى الناصية الأخرى امامه شباب يلبسون ملابس مدنيه مهترئه ويحملون عصيا و سكاكين و سيوفا.. كانوا بلطجيه , النساء والرجال تطل من البلكونات لتتابع الموقف بين الحين والأخر ترسل إلينا زجاجات المياه , بدأت أحس بتراجع الضباط إلا أعداد بسيطة منهم , حولت النظر إلي الجانب الأخر " المسلمين "..لم اخط سوى خطوتين لأجد النساء تصرخ من البلكونات لتعلم المسيحيين الذين يقفون أمام الكنيسة بان المسلمين يدخلون المنازل والمحلات حتى المحلات المغلقة , والأمن موقفه سلبي أما الضابط يأمر العساكر بأخذ وضع الاستعداد , ابتعد قليلا خوفا من القنابل المسيلة للدموع وقنابل الصوت التي لم أقابلها إلا هذه المرة , المجموعة التي كانت أمام الكنيسة لم تتجاوز السبعين فردا كلهم رجال بينما النساء كانت بالداخل , ابتعد اكثر عن الكنيسة لأعرف ما تفعله الشرطة بالجانب الأخر , للأسف اتخذوا موقف الحياد فلم يتحرك أحد وكان الضابط يأمر العساكر بالنظر أمامهم ..هللت السيدات بالبلكونات فدفع ذلك المسيحيين لمحاولة الخروج من الكردون فضربهم رجال الأمن بالقنابل المسيلة للدموع وقنابل الصوت , ودخل البلطجية من اهل المنطقه مرتدين المدني لإحضار المسيحيين و كل هذا امام ظباط الامن , لم تتجاوز المدة العشر دقائق , أنهت قوات الأمن أعمال الشغب التي أسمتها هي بالفتنة في عشرة دقائق , وخلالها قامت بالقبض على المعتصمين امام الكنيسه .. ارادت فقط أن تقوم بتغطية القبض على المسيحيين , دخلت مظاهرة وسط كل هذا الحشد الأمني لتقول يحيا الهلال مع الصليب , لم التفت الى المظاهرة ولم أحس بالسعادة لأني اعلم جيدا أن الحكومة تزيف و تخدع الناس , وجهت نظري إلى عربات الاعتقال فأنا احفظ شكلها جيدا فهي تعيش معنا بشوارع القاهرة , رأيت مشهد القبض على أطفال أعمارهم لا تتعدى 13 عاما يبكون لأنهم لا شئ سوى أطفال ,لم يقبض رجال الأمن على أحد ممن كانوا مدنيين يحملون عصيانا وسكاكين و سيوف (بلطجيه ) , يمسكون المقبوض عليهم بشكل همجي ومخيف , و أنا أصور قال لي أحد الضباط لا تصوري هذا صوري المظاهرة , دخل مجموعة من الأقباط والمسلمين إلي المكان وعبروا الكردون الأمني ماسكين أيدي بعض لكن فتاة من الطالين من البلكونة بكت كما لو ارادت أن تقول: لا تصالح حتى لو منحوك الذهب , بكت وخبطت رأسها بالحائط , طلبت باقي النساء من الأمن أن يخرجوا المقبوض عليهم من سيارات الترحيل فعاش الأمن دور العبيط " فين دول هو إحنا قبضنا على حد " وبكثرة الهتافات اخرج الأمن عدد قليل مما كانوا داخل السيارات وساد المكان الهتافات من جميع الأماكن عاش الهلال مع الصليب , شغلوا الدى جى على اغنية يبقى أنت أكيد في مصر , لا تخف لما تسمع الأحداث دى يبقى أنت أكيد في مصر ولما موضوع يعقد ثلاث أيام يتحل في عشر دقائق يبقى أنت برضه أكيد في مصر
..
============
غدا .. ارفق صورا لما ذكرته اسماء التقطت بعدستها الخاصه

الأحد، أبريل ١٦، ٢٠٠٦

خمسه واربعين

حسبت الفتنة قد نامت غير ان تقديري قد ساء .. بالامس سمعت عن مناوشات مابعد القداس الذي اقيم للقتيل .. ثم عرفت ليلا عن مشاجرات دارت في شارع 45 وهو احد معاقل البلطجه في المدينه وواحد من اكثر مناطق المدينة عشوائية و فقرا .. كنت قد تشبعت تماما من عنصرية يوم الحادث .. و تشبعت اكثر مما كتب وقيل حوله .. فقررت الاكتفاء بتدوين ما شاهدته .. و متابعة الموقف من بعيد
..
وكما توقعت .. لم استطع التواصل مع زملائي الاقباط في الكليه .. كنت كمن يحمل ذنبا .. او كمن يعرف جيدا انهم لا يحبونني في اعماقهم .. وان اي محاوله للطف هي نفاق بائن .. واي محاولات للتقرب من جانبي هي كمن يكفر عن خطيئه .. انهيت محاضراتي باسرع مما يمكن و عدت الى مقهى الانترنت بجوار منزلي
..
قرات ما وصلني من تعليقات و رسائل .. و كدت اهم بالرحيل عندما اتصل بي محمد .. ناقلا لي ما ورد من اخبار عن تكرار المناوشات في شارع 45 بالعصافره .. ولان الحمق والفضول في طبيعتي يسبقان دوما الحكمه وراحة البال .. اتجهت من فوري الى الشارع الذي لم احبه يوما في حياتي .. و لا اعتقد ان ذكراه ستصبح باي حال عطرة فيما يلي من ايام
..
ما سأرويه قد يتشابه مع فيلم هوليوودي شاهدته قبلا .. الا انه للاسف .. حقيقي اكثر من اللازم
==================
في المدى لمحت مصفحات الامن المركزي وجنوده يصطفون على جانبي الشارع الواسع .. شارع 45 او محمد انور السادات حاليا هو طريق رئيسي يمتد من الكورنيش و يقطع جمال عبد الناصر ثم شريط قطار ابوقير و منه الى قلب ( العصافره قبلي) حيث الكانتونات و مراكز بيع المخدرات و الاسلحه و خلافه .. للشارع اهميه مروريه حيث يقود الى الطريق السريع و منه الى الدولى الساحلي أو/و الطريق الصحراوي .. يتفرع من الشارع عدة طرقات جانبيه تسمى مجازا بشوارع .. و عليها ارقام .. تبدا من شارع 9 في جانبه البحري بمحاذاة النفق المار اسفل شريط القطار .. حتى الكنيسه التي تدور عندها اغلب الاحداث في عمق العصافره
..
تستقبلك في بداية الشارع عمارات تحمل عبارات ( الله محبه ) و (اتحاد ملاك مينا ) وغيرها مما يدل على هوية اصحابها .. بجوارها بنايات تحمل على جدرانها ( الله اكبر ) و (محمد رسول الله ) وما شابه من عبارات تؤكد اسلام قاطنيها
..
اسير حتى اصل الى تجمع امني .. اسأل احد اصحاب المحال عن ما يجري .. الا انه ينفي وقوع شيء فيما حوله : كله تحت.. عند الكنيسه آخر الشارع
..
اصل حيث يشير الرجل .. الوضع في الحقيقه يصعب وصفه و يحتاج الى بعض التخيل
..
امام الكنيسه اعتصم حوالي المائه من الاقباط كنت استطيع رؤيتهم ولكن بدون سماع مايقولون
..
هذه صورة لموقع الكنيسه
( اضغط على الصور لتكبيرها )
..
كان الامن المركزي يحيط بالكنيسه من ثلاث نواحي كلٌ في صفين .. تاركين حماية الضلع الرابع الداخلي المقابل للارض الفضاء لبلطجيه من اهل المنطقه .. يحملون سكاكاين و مطاوي و زجاجات سفن اب تمتلىء بالبنزين و في فتحتها قطعة قماش مشبعه بماده مشتعله .. تركوا لهم ايضا مهمة غلق الشوارع الفرعيه من الداخل .. و منع دخول او خروج اي مخلوق منها .. نجحت فعلا في اختراق الحاجز رقم واحد ثم رقم اثنين حيث يقف البلطجيه ورجال الامن المركزي جنبا الى جنب ..يتسامرون و يتبادلون النكات .. و بصعوبه استطعت عبور الحاجز رقم ثلاثه المكون من بلطجيه فقط .. كان بعضهم يشم الكله و الاخر يحمل كأسا بلاستيكيا اعرف انه لتعاطي الحشيش .. عبرت الخرابه .. او الارض الفضاء .. حيث تجمع بعض البلطجيه في ركنها ليتعاطوا بعض ماذكرت .. و عند الحاجز رقم اربعه لم اجد احدا يعترضني .. فمضيت حتى وصلت الى الحاجز الخامس .. فاعترضني شاب يحمل سيفا : على فين با باشمهندس
-عايز اطلع ع الشارع
-شارع ايه
- 45
ينظر الي بتفحص ثم يسأل الظابط المسئول عن جنود الامن : اعديه ياباشا
يرد بعنف :لا
يبدا البلطجيه بالتجمع حولي .. يدفعني احدهم صارخا : ياللا ارجع من مطرح ماجيت ... امتثل لكني اكاد اركض خوفا .. اسمع احدهم يقول للآخر : خلاص سيبه يا شباره .. اكاد اسقط من الرعب .. اعود مره اخرى الى الارض الفضاء.. احاول الدخول في شارع جانبي .. المح اثنان يتبعاني .. لا اشعر الا وانا في وسط الشارع الرئيسي بين الناس .. و قد اختفي الاثنان
..
الآن اتخلى تماما عن فكرة الدخول وسط المعتصمين امام الكنيسه .. ارى تجمعا : مصطفى محمد مصطفى نائب المنتزه الاخواني في مجلس الشعب .. يقف بين اهالي المنطقه .. يحدثهم عن التسامح و الوحده و بلا بلا بلا
يصقف الجماهير و يرددون : يحيا الهلال مع الصليب
..
امني نفسي بالهدوء هذا اليوم .. لا دليل على ان احداثا جسام سوف تحدث .. اتحدث الى اهل المنطقه ..معظمهم يستنكرون ما يحدث و يرددون عبارات مثل : كلنا صحاب واخوات و دي فتنه وسخه .. سمعت كثيرا وصفا لما حدث بالامس .. هجم بلطجيو المنطقه على الجماهير التي كانت تشيع قتيل الجمعه .. فتدخل البوليس ليسقط الضحايا .. ذكر لي احد المتجمهرين ان كنيسة اخرى في اول الشارع حُرقت و سرقت مكيفات الهواء فيها .. اسجل المعلومه و اهم بالإتجاه اليها
..
فجاه نسمع صيحات و هتافات من جماعه في نصف الشارع .. اقترب منهم لاجدهم يحملون عصيا و سنجا و سيوفا و سكاكين .. بدا احدهم بالصياح : لا اله الا الله .. ويرد من وراؤه بمثل ما يقول .. يصلني اتصال من صحفيه فرنسيه كانت قد هاتفتني صباح اليوم .. انقل اليها الوضع ثم يهاتفني محمد .. وبينما نتحدث .. اسمع اصوات تكسير و تدمير .. اقترب اكثر ومعي محمد على الهاتف .. نحو المائة شاب يدمرون سياره ملاكي بعصي خشبيه و سنج حاده .. يتجه بعضهم الى محلات مغلقه اسفل بنايه كُتِبَ عليها : الله محبه .. حيث بدا الغاضبون في تدمير الباب المعدني الصلب للمحل .. بواسطه عواميد خشبيه غليظه .. بنفس التكنيك الذي استخدمه المحاربون في العصور الوسطى لاقتحام حصن باستخدام جذع شجره .. اخيرا لا يصمد الباب المهترىء للضربات المتتاليه .. ليقتحم العشرات المحل ويخرجوا بمئات من زجاجات البيره و الويسكي وغيرها من الكحوليات
..
يقول لي رجل يقف بجانبي باسما : اهم حايروحوا يسكروا بيها
..
لا استوعب الحقيقه كيف يسرق الكحوليات ثلة ممن يتردد انهم سلفيون ويرددون هم شعارات اسلاميه .. اعود الى محمد على الهاتف .. يصاب بنفس الارتباك .. سلفيين يا هيثم ولا بلطجيه ؟؟ كنت وقتها لا اعرف حقيقة .. غير ان الرؤية اتضحت فيما بعد .. قطعنا صوت تكسير زجاج عنيف ..اصعد فوق سور جيري قصير لارى جيدا .. بعض المتجمهرين يقذف بالطوب ويكسر بالاعمده الخشبيه زجاج شبابيك و شرفات عماره مسيحيه اخرى .. او قد لا تكون مسيحيه ولكن عليها لافته لمحامٍ اسمه ميخائيل .. ويبدو ان الفكره اعجبت الباقين فتفرغوا لها .. ولكن كان لا بد من مدد لوجيستي .. هو عشرات من العصي الخشبيه الطويله و الغليظه .. كتلك التي تستخدم في اقامة شوادر الافراح و العزاء.. حصل عليها المتظاهرون من مستودع خشب يقع اسفل البنايه رقم 87 شارع خمسه واربعين .. وضع البلطجيه الخشب اولا على الارض .. و بطريقه تنم عن كثير من الخبره .. قاموا بكسر المناسب منه الى اجزاء لزيادة عدد العصي .. و قام واحد منهم بتكوين صليب خشبي من الفائض .. وضع على راسه قماشة مبلله بالبنزين .. و بدا في حرق الصليب وسط تهليل الجماهير
..
تبين ان صاحب المستودع او المخزن هو رجل يقطن في الدور الثاني من البنايه .. اصلع و يرتدي بيجامه زرقاء اللون .. خرج الرجل بكل هدوء ليقف في الشرفه .. متلقيا العشرات من الحجاره التي يلقيها المتجمهرون على بنايته و البنايات المجاوره .. و بعد دقيقه بدا الهجوم المضاد .. قطع من الرخام المكسر كان يبدو انه يحتفظ بها في شرفته بدأت تهوي على رؤوس مهاجميه .. وبينما اصف لمحمد ما يحدث .. وجدت موجة بشريه من العشرات تعدو نحوي .. خفت بالطبع و قررت الاختباء في شارع جانبي اصبح دخوله متاحا بعد انسحاب الشرطه
..
لا بد هنا ان اذكر بقرف شديد .. ظباط الشرطه من مقدمين ولواءات .. ممن تفرجوا باستمتاع شديد على العرض الذي حدث .. بل وشاركوا فيه اصدقائهم على الووكي توكي و اجهزة المحمول .. دون حتى اي محاوله للتدخل
..
عامة كانت الجماهير تركض فرارا من شيء ما لم اتبينه .. وعندما عدت كان المتحمسون قد تجمعوا ثانية اسفل بناية الرجل .. حاولت استطلاع ما حدث فتبرع احدهم بابلاغي : الراجل المخبول رمى انبوبة بوتاجاز مولعه على الناس بس الحمد لله مافرقعتش
..
بالطبع اصبت بما يجب ان ينالني من صدمه .. ولم اصدق الا بعدها بثوان حين رأيت بام عيني الرجل يرفع انبوبة بوتاجاز اخرى .. فوق سور الشرقه .. ثم يشعلها .. و يلقي بها فوق رأس المتجمهرين .. الذين ركضوا في اتجاهات مختلفه هربا من الانفجار المحتمل
..
لن استطيع طبعا وصف مقدار الرعب الذي اصابني لحظتها .. وفي المسافه بين شرفة الرجل وارض الشارع توقف الزمن حرفيا بالنسبة لي .. كنت قريبا بما يكفي لتصيبني شظايا الانفجار غير ان الانبوبه المشتعله لم تنفجر .. فقط اصابت شابا يحمل سيفا لانها سقطت على قدمه مباشرة .. حتى الآن تتكرر في ذهني صورة الرجل الواقف في شرفته مستعدا للانتحار .. كان يعلم جيدا ان انفجار الانبوبه يعني مقتله و مقتل مالايقل عن المائه .. اتمنى ان تختفي تلك الصوره من ذاكرتي قريبا .. وان كنت لا اعتقد
...
هذه صوره للعقار مسرح المعركه
:

(اضغط على الصوره لتكبيرها )
..
جن جنون الناس بعد رمي الانبوبتين .. ويبدو ان الرجل قد جن جنونه ايضا فبدأ بتكسير سور شرفته المبني من الطوب الاحمر .. وقذفها على المتظاهرين .. تلا ذلك عشرات من قطع السيراميك المكسوره .. هوت على رؤوس و اعناق المتجمعين اسفل المبنى لتسبب جراحا من القطعي الى النافذ
..
اسمع بين الزحام صوت ظابط يتحدث في مكبر صوت محمول مخاطبا من اصطف على الرصيف من جماهير : يالا يا روح امك انت وهوه .. عايزين تفضلوا ادخلوا اضربوا معاهم .. او كل واحد يروح على بيته
..
ادخلوا اضربوا معاهم ؟؟؟ اي شاركوا في الاعتداء ؟؟ لم ولا استوعب ماقيل حتى الآن .. لكن اقسم ان هذا ما قيل بالحرف .. اتمنى ان يعضدني اي من شهود العيان .. بصراحه لا الوم من لا يصدق فانا شخصيا لازلت مشدوها من هكذا برود اعصاب وانعدام ضمير
..
جن جنون البلطجية كما قلت .. فاحتشدوا على باب البناية الحديدي محاولين اقتحامه .. ولانه ليس ( صاجا ) كباب المحل و المستودع .. اخذ كسر الباب اكثر مما ينبغي ..ولكنه لان في النهايه.. وساعتها ايقنت ان صاحب الانبوبتين ميت لا محاله
..
في هذه اللحظه .. وصل الامن المركزي اخيرا .. او فلنقل انه تحرك بعد ان استمتع بالفرجه .. او بعد ان وصلت تعليمات لظباطه بالتحرك خاصة عقب ان بدات كاميرات الجزيره و العربيه في الظهور .. عامة وصل الجنود بدروعهم الشفافه و قنابلهم المسيله للدموع ..ورصاصهم المطاطي .. وبينما انا اتحدث الى محمد .. تطايرت فوقي القنابل المسيله .. ومن حولي مطاط الرصاص .. لاستنشق رغما عني الغاز الشهير للمرة الاولى في حياتي .. واجد نفسي ابكي حقا .. مع شعور مريع بالتهاب في الانف و جفاف في الحلق وصداع .. مازال يلازمني حتى الآن
..
ركضت نحو احدى الشوارع الفرعيه .. ثم اتصلت بالصحفية الفرنسية .. وبينما اسعل بشده .. اخبرتها بالموقف .. ووصفت لها مايحدث .. كان همي ان اشارك كل ماجرى مع اي احد ..لا اكثر ولا اقل
..
الآن انا متاكد ان صاحب الانابيب سيلقى مصرعه .. اليوم كان او غدا .. مالم تحمه الشرطه .. المؤكد هو ان الرجل لن يعيش في بيته بعد الآن .. ترقبوا معي نبأ مقتل الرجل في الصحف
..
انا الآن اقف في شارع جانبي شعبي نافذ الرائحه .. في الشارع الرئيسي امامك تستطيع ان ترى معركه تدور وسط الدخان الابيض بين الاهالي و الجنود .. استريح الان على جدار قديم و بجانبي رجلان احدهما شيخ نتفرج معا كما لو كنا في سينما .. يشير لي الشيخ حيث يضرب جنديا رصاصه في جميع الاتجاهات : دول بهايم دول .. اللي فوق همه اللي مدبرينها
..
يتدخل الرجل الآخر في الحوار فجأه : بس اللي مهيجين الدنيا دول حبة عيال .. كلاب من بتوع ورا الفرن ( منطقه ) بيضربوا بيسه وبيره و حقن طول اليوم
..
اتدخل لافهم : بس دول بيهتفوا لا اله الا الله و كده؟؟ هم مش سلفيين
..
يجيبني الشيخ : لا المسلمين مايعملوش كده .. المسلم من سلم المؤمن من لسانه و يده , دول كفره ولاد كلب .. حتى المسيحي مايعملش كده المسيحي لو ضربته على خده اليمين يدورلك خده الشمال , العيال دي ولا بتروح جامع ولا كنيسه
..
اسأل : امال ايه ؟؟
..
يجيبني شاب عشريني يدعى احمد انضم لنا : دول عيال بتاعت هوجه , صيع , طالعين عشان يسرقوا حاجه .. دول مش لاقيين ياكلوا .. يعني لو هم كانوا محموقين قوي ع الاسلام , كانوا كسروا محلات الدهب .. و السنترالات و سرقوا الكمبيوترات ..؟؟
..
تتضح لي الصوره الآن .. صوره من احداث محرم بيه و غيرها من حالات المرج التي تصاحب الفتن والاضطرابات .. اختلط الحابل بالنابل فسرق الجميع ما يرونه حقا في اموال المسيحيين .. ارمق الجماعات تتحرك من بعيد في اتجاه الشمال .. انتبه .. بينما ينضم لنا باقي شباب الشارع .. يتحدثون عن بوكه .. و مصير بوكه
..
اسأل احمد الذي احسست بالفه معه : مين بوكه؟؟
يرمقني للحظه ثم يفاجئني : انت ايه اساسا؟؟ بوليس؟؟ وريني بطاقتك
يتجمع حولي ثلاث من اصدقائه ... اخرج محفظتي .. واريه بطاقتي .. يبتسم عند قرائتها و يقول : ايوه مادام اسمك فيه محمد يبقى تمام
..
ابتسم بعصبيه
..
يسلمها لي ثم ينظر في الاتجاه الاخر : بوكه ده عيل لسه مادخلش مدرسه.. اخو الواد هيمه صاحبنا .. وقعت عليه رخامة من عمارة الكلب المسيحي ده .. فتحت دماغه .. مات في ساعتها
..
اساله مؤكدا : مات ؟؟
يجيب اخر شديد السمره : ايوه مات في ساعتها .. الواد دماغه رهيفه .. و البلاطه جت فيها زي بوز السكينه
..
اصمت لفتره .. بينما يسأل احمد اصدقائه عن باقي الشله : ازي كاشانزوفا دلوقتي .. اخد واحده في دراعه امبارح .. واحمد هوجان برضه .. اتعور في الهيصه بتاعت امبارح .. اساسا انا كنت واقف على قمة شارعنا و الرصاص عورني بص وشي
..
الاحظ للمره الاولى الجروح على وجهه .. شظايا صغيره كالتي درسناها في الطب الشرعي .. ربما لاحظتها قبلا لكنني تصورتها جزءا من حياة هؤلاء .. يرد عليه صديقه الغامق السمره : ده انت كده كويس .. امبارح كان وشك كله دم
..
اتركهم بعد ان هدات حدة القتال .. اعبر الشارع الواسع امام مصفحة الامن المركزي .. حرفيا لا اسير على الاسفلت .. اسير على شظايا زجاج و سيراميك و مواد لا اعرف كنهها , اتجه الى المنزل حيث يقطن بطل الانابيب ... بنايه مسيحيه كما توقعت .. رقم 87 .. اسفلها تبكي سيده ترتدي ( ايشاربا ) على الطريقه القبطيه وتحتضن ابنتها
================
اسير حتى اول الطريق حتى اصل الى شارع 10 المتفرع منه .. كان المرور ممنوعا في 45 و كان لا بد ان اسلك طريقا جانبيا .. سألت عن الكنيسة التي اخبرني الرجل سابقا انها احترقت ليلة امس .. الكنيسة تقع في شارع السد او دار السلام المتفرع من شارع 10 و ملك حفني على السواء .. بين الكنيسه و شريط القطار 50 مترا لا غير .. امامها حراسه صغيره لا ترقى للحدث الجاري .. درت حولها لاتبين الخسائر : شبابيك زجاجيه كسرت .. و اثار حريق على جدارها البيج التقليدي .. ثلاث مكيفات هواء معلقة من توصيلاتها و مهشمة تهشيما تاما .. احاول الدخول و التحدث مع اي شاهد داخل الكنيسه .. ذكرت انني صحفي من القاهره .. رفض رجل بملابس مدنيه دخولي و طالب بالكارنيه .. ندمت ساعتها كما ندمت كثيرا هذا اليوم على عدم وجود كاميرا معي .. سألت كهلا في كوخ مواجه للكنيسه عما حدث فاجاب بحذر ان شبابا احرقوا مقاعد و القوا بها على الكنيسة ليلة امس قبل منتصف الليل بقليل .. شكرته و اتجهت الى شريط القطار حيث ساعبر الى الجانب البحري و استقل ميكروباصا الى بيتي
..
بمجرد خروجي من الشارع ... سمعت صوت تدمير و هرجا صاخبا عن يميني .. مئات الاشخاص تجمعوا امام مستوصف خيري اسمه ام النور ..وهو قبطي بالطبع .. ليكرروا ما حدث في شارع 45 .. غير ان هذه المره تميزت باعداد اضخم بكثر .. قدرتهم فعلا بعدة مئات .. طردهم الامن من شارع 45 فتجمعوا هنا حيث لا تستطيع عربات الامن الوصول .. امتدوا على طول الشارع وفوق شريط القطار الاعلى بقليل .. حيث استغل هؤلاء ( الزلط ) الذي يوجد بين القضبان في قذف المستوصف المواجه للشريط به
..
وصلت قوات حكوميه هذه المره باسرع من سابقتها لانها استخدمت اقدامها في الحركه .. وصلت قاذفةً بالقنابل المسيله والرصاص المطاطي .. ليهرب من قدر له باتجاهي .. والباقون في الاتجاه المعاكس .. و بذا انقسم الجيش الصغير الى فريقين ..فريق عن يميني و اخر عن يسارى ..وخلال مرور الفريق الاخير امامي .. عُرٍضت امامي سحناتهم و اسلحتهم و كلامهم لبعضهم البعض .. رجل ثلاثيني يحفز رجاله ليجمعوا انفسهم و يعاودوا الضرب .. شاب يحمل سيفا و ينظر لي بارتياب .. مشكلة تلك المناطق ان كل ساكنيها يعرفون بعضهم البعض .. واي غريب هو دخيل لا بد من الشك به .. اخرون يقتحمون مقهى بلدي ليسرقوا كراسيه و يكسروها ليستخدموا ارجلها كعصي للضرب .. شاب يحمل مولوتوفا وينظر الى الموبايل في يدي بطمع بينما اكلم محمد للمره الخامسه هذا اليوم .. اؤكد على محمد ان كان يسمع صوت الرصاص .. يصل القطار في تلك اللحظه لكنه لا يستطيع الحركه ... يوقف الغاضبون القطار و يحاولون جذب ركابه بعد رميهم بالطوب و ضربهم بالعصي الطويله .. توقف القطار تماما ... عن يميني بدات قوات الامن بضرب المتظاهرين بالقنابل المسيله للدموع .. و عن يساري كذلك مئات البلطجيه يقذفون بالطوب و الاحذيه و المولوتوف كل مايمر .. صرت بالفعل محصورا بين طرفين و قطار ثابت لا بد من عبوره حتى اصل الى الجانب الاخر (وضحت موقعي في الصوره اسفله بالسهم الاصفر) .. لمحت ثغرة في سور القطار ينفذ منها الناس فقفزت مع القافزين و عبرتها .. ساعتها كان الضرب على اشده و الصراخ يصم الاذان .. كان الحل الوحيد امامي هو تسلق القطار ثم عبوره الى الجانب المقابل .. وقبل ان افكر في كيفية القيام بذلك .. بدا القطار في التحرك تدريجيا .. ببساطه لان من اعاقوه تقهقروا ليعاونوا زملائهم في الجانب القبلي
..
(اضغط على الصوره لتكبيرها)
..
بدون ان اشعر كانت اذرع الناس تسحبني انا وغيري لنتسلق القطار .. بقائي في موقعي كان مخاطرة .. فاي رصاصه او بلطجي كانا كفيلين بجرحي على اقل تقدير . كان ركوب القطار المتحرك مخاطرة كذلك .. غير انها اقل من الاولى .. ووسط وابل من الرصاص و القنابل .. نجحت في ركوب القطار و العوده الى حيث ادون الان بعيدا عن كل ما يحدث من معارك سيرياليه
..
اقدر جدا ان لا تصدق كلمة مما قلت ... هذا طبيعي .. لكن ان استطعت التصديق .. ارجوك ان تفكر فيما يجعل شعبا يفترض انه من البشر يتصرف بهكذا حيوانيه .. فكر انت يا قارئي فقد زهدت التفكير .. فليس له من مكان في هذا البلد
..
سؤال اخير لمصدري بيانات الحكومه ... كم مختلا عقليا برأيكم .. رأيت اليوم
؟؟؟؟

الجمعة، أبريل ١٤، ٢٠٠٦

اخ تالت لينا


...

بالامس كنا اقليه .. و اليوم كنت انا الاقليه .. بالامس كنت انا و سولو المسلمين الوحيدين بين عشرة اشخاص .. نضحك من قلوبنا و نتشاطر السجائر و الحساب و النكات .. و ليلا سرنا في شوارع الابراهيميه وسبورتنج مع عماد و جامالون و صديق ثالث اسمه مارك .. اطلق مارك نكته عن طريقة كتابة اسم الكنيسه الانجيليه بالابراهيميه .. ثم حكى لنا عن الرجل الذي لا يكف عن اعتبار اي و كل شخص : اخ تالت لينا ... تؤلمنا بطوننا من عنف الضحك .. نودعهم ثم اودع سولو لكنني اقرر عدم العوده للمنزل .. في الطريق الى البحر حيث ساجلس كنيسه تقابل مسجدا .. اتعجب من العلو الذي وصل اليه المسجد ..محاولا مجاراة الكنيسه في بناياتها .. وانا عائد من الكورنيش اتعجب للمره الالف من رسمة الثعبان الذي يحيط بالتفاحه .. و قضمته عليها في الاتجاه المعاكس .. حكيت لسقراط ذات يوم عن هذا الرسم فشرحته لي .. اتذكر صديقين لي يعملان في مستشفى الكنيسه المفتوح لاربع و عشرين ساعه .. تعجبني سكينة شارع خليل حماده النائم في قلب الاسكندريه .. اعبر الشارع واسير نحو الخمسين مترا حيث اقطن .. ادلف تحت اغطيتي و انام
=============
توقظني امي فاصحو على مضض .. اغسل وجهي و ارتدي ملابسي.. و الى المسجد .. اصلي الجمعة بانتظام .. فقط لاني التقي هناك كل اصدقائي في ميعاد اسبوعي .. اصلي دوما في مسجد الشهيد .. حيث يملك صديقي الحميم مغسلة النجار الشهيرة التي تقابله .. توقفت عن الصلاة في شرق المدينه منذ وفد شيخُ يطيل الخطبه بشكل مستفز .. انهيت الصلاة لاسمع صراخا و هرجا صاخبا على امتداد الشارع .. اعبر الميدان نحو البنايتين المتناطحتين .. كنيسة القديسين و مسجد شرق المدينه .. على مدى البصر يتجمهر العشرات و تصرخ عدة نساء .. تتضح الرؤية لاحقا .. شاب يطعن رجلا كان ينتظر عائلته امام الكنيسة بعد قداس الجمعة الاول .. قال كثيرون انه كان يرتدي فانله بيضاء مهترئه .. و بنطلونا رياضيا و يحمل سيفا بقر به بطن الرجل وهو يصرخ ( لا اله الا الله ) اتتبع خط الدم من باب الكنيسة حتى عتبات سلم يوصل مباشرة الى مستشفى مارمرقص التابع لها .. أصاب المعتدي ايضا شابين حاولا اعتراضه .. نقل احدهما الى العناية المركزه .. و الاخر تجرى له الآن جراحه يقال انا خطيره .. عسكري الامن العجوز الاليف الذي اعرفه .. من يقطن دوما كوخا خشبيا صغيرا .. و يقرأ القرآن باستمرار" تواطأ مع القاتل فلم يرفع السلاح في وجهه .. بل وقيل انه هدد من حاولوا امساك القاتل حتى يتركوه ففعلوا " و هي رواية كل مسيحي قابلته في موقع الحادث .. من زوجة اخت القتيل التي ظلت تصرخ بالاحداث حتى فقدت الوعي .. حتى بائعي الفاكهة الذين ينتظرون انتهاء القداس و الصلاة كليهما لبيع بضائعهم .. الاكيد هو ان الفاعل قد لاذ بالفرار .. اما من اين جاء .. فبعضهم يحكي انه رآه خارجا من المسجد .. و البعض الآخر يروي عن سياره اقلته من و الى مكان الحادث .. اما الرواية الرسميه الاولي .. و كما وصل البيان الحكومي المبكر فهي ان الشاب مسجل خطر .. و مختل عقليا

..

للأسف الشديد لم تنجح لعبة الاختلال العقلي في تهدئة الغضب هذه المره , و السبب ان اخبارا بدأت تصل عن تكرار ما حدث في عدة كنائس بالاسكندريه في نفس الوقت .. وخرج المحافظ في بيانه المضحك (اسمعه هنا ) ليؤكد ان المجرم واحد فقط .. وانه عامل في سوبر ماركت اصاب اثنان في الحضره ثم اتجه الى سيدي بشر ليقتل واحد و يجرح اثنان ( و المسافه بين الحضره و سيدي بشر تزيد عن نصف المدينه باكملها ) , ولأن اوقاتا كهذه لا تحتمل الكذب او روايات الخيال العلمي .. كان التعصب وفورة المشاعر هما النتيجتان الطبيعيتان في خليل حماده النائم المستكين

..

==================

(الصوره للقتيل الذي صرح المحافظ عبد السلام المحجوب بان عمره 76 عاما و مات من الصدمه )

...


في لمح البصر .. برزت عربات الامن المركزي .. لتغلق الشارع من جميع منافذه .. تجمهر العشرات ممن كانوا بداخل الكنيسه .. و معهم آخرون عبروا حواجز الامن عن طريق بابها الخلفي .. كانت الشكوى الاساسيه والاولى هي بيان الامن الذي استخف بعشرات شهود العيان و بدماء القتيل .. برز قيادي في الحزب الوطني .. اسمه محمد السعدني .. بدأ بالطبع يتحدث عن الوحده الوطنيه و مصر و الهراء المعتاد .. اوقفه المتجمهرون بالهتافات : مضطهدون مضطهدون

..

يحاول الرجل امتصاص الغضب : الحكومه بتحقق في الموضوع

يرد عليه احد الغاضبين : حكومه !!! سلملي ع الحكومه .. هي الحكومه عملتنا ايه قبل كده .. الكشح و ابو قرقاص و محرم بيه كانت فين الحكومه

..

يصفق المتجمهرون و يأيدون الرجل

يرفع شاب رجلا اشيب الشعر على اكتافه .. ليواجه السعدني .. يبدو ان الرجل من رجال الكنيسه .. يصرخ فيه : انا بقالي تلاتين سنه بدرس .. و مش مقتنع باللي في المناهج .. انا عمال اهدي الاولاد وامتص غضبهم وانا نفسي مش مقتنع .. و انا عارف كويس انهم مش مقتنعين .. حرام اللي بيحصل ده .. عصر الشهداء رجع تاني .. احنا زي الكلاب في البلد دي

..

يصفق المتجمعون بحراره .. و يبدو ان الرجل يحظى اساسا بمصداقية بينهم

يفشل السعدني في احتواء الموقف فينسحب

..

تنتابني افكار عده .. و تصلني مشاعر متباينه .. غضب ديني؟؟ .. غضب من الحكومه ؟؟ غضب من سلبية قياداتهم ام غضب من امتهان انسانية جماعه لحساب اخرى ؟؟


كان غضب المتجمهرين اشبه ما يكون بغضب من رأيت من متظاهري كفايه .. لولا الطابع الديني .. كان البعض يطلب قدوم المحافظ .. و البعض يطلب وزير الداخليه شخصيا .. تحكي لي سيدة عن احباط غياب العداله : لو مسكوه بس و عرفنا انه اتحاسب حاستريح

..

يزداد عدد المتجمهرين و يزداد اللغط بينهم .. حتى الآن لم يتطور الموقف الى هتافات او شعارات .. مناوشات هنا و هناك فحسب .. شكوى بالظلم .. سيدات من اقارب القتيل يبكين .. و رجال يصرخون بعصبيه

..

فجاه ينشب شجار حاد وضرب بالايدي .. رجل لم يعجبه ماقال زميله عن التهدئه و الضبط النفس .. فانهال عليه ضربا و معه اصدقائه

..

يصل رجل يدعي المهندس سمير , يبدو ذو شعبية بين وسط المتجمهرين .. يطلب سمير من الناس الهدوء حتى لا يضيع حقهم ... ثم يحذرهم من اتباع صوت الشيطان .. تقاطعه سيدة : انت و اللي زيك اللي حاتضيعونا

يؤمن آخر على كلامها : ايوه سلبيتنا هي اللي ضيعتنا

..

يفشل سمير ايضا في احراز اي تقدم .. ابدأ بسماع دعوات للجلوس في عرض الشارع يرفض الناس الجلوس فينادي احد الرجال : اللي يحب يسوع يقعد .. فيجلس البعض و يأبى البعض .. يصرخ احد المتجمهرين مشيرا للمسجد : لو حد منهم قالهم حاجه بسمعوله .. احنا مالناش امر على بعض ؟؟ اهوه ده اللي مضيعنا

..

لا املك الا ان استعجب من منطق التفكير الذي يتطابق حرفيا في الجانبين .. تلاحقني كلمات من يقف بجانبي : عدوك عدو دينك .. دي حاجه معروفه

..

نجلس جميعا واحس بحميميه رهيبه بين الجالسين ارضا .. يضع اثنان ايديهم على كتفي يربتون مشجعين لي بالهتاف .. يسألني رجل عن اسمي فاقول مينا , مينا ابراهيم .. وهو اسم احد اصدقائي .. كنت قد ادركت ساعتها انني المسلم الوحيد داخل الحلقه , اجلس في منتصف غاضبين يتهجمون على من يدعو للتهدئة منهم.. فما بالك بدخيل من صفوف اعدائهم , كان منطقيا ان ارحل غير ان شيئا دفعني للبقاء ومتابعة مايجري الى النهايه

..

و كما لو كان القدر يرتب احداثا لارهابي .. صرخ احدهم : في مسلمين ما بينكم بقولكم .. مش عايزين يهوذا مابينا

..

تلقائيا انزلت اكمامي المشمرة .. لتخفي كوني لا احمل وشما للصليب .. كما يحمل كل من حولي تقريبا .احسست ساعتها بكوني اقلية في جماعة لا تقبلني اساسا ...شغلت نفسي بالتحدث الى من بجواري .. حتى يزول تأثير التحذير .. و فجأه رأيت ابرام

..

ابرام صديق قديم .. كان زميلي في المدرسه .. و انضممنا معا لعدة نشاطات في الجامعه .. هو جاري .. و يملك والده احد اهم محلات الذهب في المنطقه .. كن ابرام يحمل صليبا خشبيا مذهبا .. و يصرخ في من تجمعوا حوله باعلى صوته : كيرالسيون , كيرالسيون

===============================

لم اكن اتصور ابدا ان يكون ابرام بين هؤلاء .. كان دوما بين الطف من عرفت .. و اكثرهم احتراما للجميع .. الآن انا في مشكله .. عن يميني من ينادي بكشف المتخفين بينهم من مسلمين .. وعن يساري ابرام .. يقود مجموعة من اصدقائه هاتفا .. و قد امتطى كتف احدهم .. يعرفني جيدا .. واي انطباع منه يدل على هويتي .. قد يعني الفتك بي حالا

..

شاء القدر ان يخرج لحظتها ... احد القساوسه .. و بجواره اب هو عضو في المجلس الملي .. رآهما الناس فسكتوا تماما وانتهزت الفرصه فخرجت عن الحلقه .. ووقفت على جدران الكنيسه .. اتابع الرجل .. الذي تحدث فدعا الى الهدوء و التعامل المتحضر .. ونبذ العنف : ماتركبوش نفسكم غلط .. لو فعلا بتحبوا الكنيسه .. و شعب الكنيسه .. ماتعتصموش في الشارع اعتصموا جوه الكنيسه

..

ليس لي خبرة بنظام الكنائس القبطيه .. غير ان الهدوء و الاحترام الذي لف المكان في البدايه .. لم يوح لي ابدا برد فعل المتجمهرين على كلام الاب .. في الحقيقه تفاجأت .. فقبل ان ينهي الاب طلبه للمتظاهرين بدخول الكنيسه .. ظهرت صيحات الخيانه و التخوين !! وصرخ العشرات ان الرجل مدفوع من الحكومه .. وانه سيضيٍع دم الشهيد .. وحقهم .. وان امثاله هم الذين بلوا اقباط مصر بمحنهم ... و بدت لي سلطة الرجل ساعتها ضعيفة ضعيفة .. حتى عندما حاول ان يتلوا صلاةَ: انجنا يا الله , لم يردد خلفه سوى قلائل .. بينما ماج الباقون بالهتاف ضده وضد المتواطئين مع الحكومه و المسلمين من اجل اضطهاد الاقباط المستمر

..


..

الآن تخرج من الكنيسه لافتات قماشيه حُمِلَت على عصي خشبيه كتب عليها : لا لإضطهاد الاقباط .. بالعربيه والانجليزيه .. و رسم عليها بدم القتيل الذي يبلل بلاط الكنيسه صلبانا صغيره .. حمل بعضهم البعض الاخر فوق اكتافهم .. و بدأوا جميعا في الهتاف : كيرالسيون , كيرالسيون ... حسني مبارك يا طيار الامن القبطي مولع نار .. حسني مبارك فينك فينك امن الدوله بينا و بينك .. عصر الشهدا راجع تاني عصر الشهدا راجع تاني .. و هكذا دواليك

..

على سور الكنيسه استمع بارهاف الى احاديث الناس .. سيده هستيريه تصرخ : ده دين سفك دماء .. احنا مش بنقتل ولا بنعمل حاجه .. دول مجرمين

..

ترد عليها اخرى : ربنا بينتقم منهم .. في الحج بيموتوا و في البحر بيغرقوا

..

يصل لي كلام آخر : البلد دي بتاعتنا و هما اللي جم ..احنا بنمارس عبادتنا في الخفاء .. و دول بتوع مظاهر .. الإسلام ده دين مظاهر

..

يحادثني كهل : البوليس منهم .. دول عصابه في بعضيهم .. احنا نروح فيهم فين

..

اعود الى السيدة الاولى .. تتحدث عن ضعف القرآن او ماشابه : خليهم بس يعرفو يفسروا آيه واحده .. خلي حد يورينا انه مقتنع و فاهم اللي داوشينا بيه ليل نهر ده

..

رجال تصرخ بدق جرس الكنيسه .. و اخرى تهمس لابنتها : ايوه زي ماهم داوشينا بالاذان ليل نهار كده

تسألها جارتها عن المسجد المقابل .. تخبرها انهم لن يستطيعوا صلاة العصر او المغرب : خليه مقفول كده

..

اكاد ابكي .. حقيقة .. و لا اخجل من قول هذا هنا .. كم ما وجدت من عنصريه دينيه آلمني للحد الاقصى .. آالمني إبرام وهو يهتف بحرق المسجد .. و آالمتني سيدة تضرب طفلا مسلما هو ابن احد بوابي العمارت المجاوره .. و تامره بالرحيل فورا : امشي من هن يابن الكلب .. خربتوها وجايين تقعدوا على تلها

..

على الرصيف المقابل للكنيسه ... لواءات شرطه جالسون يحتسون الشاي و المياه الغازيه ... يفتح احدهم باب المسجد فيثور المعتصمون .. يحيط بالباب ثلة من عناصر الامن .. يصل فجأه حسين عبد الغني مراسل الجزيره .. فيندفع نحوه الناس باعداد مهوله .. يركض الرجل و يحول الامن بينه و بين الناس .. يعود الناس الى اماكنهم .. ليهدأوا بعد ان تأكدوا ان عدسات الجزيره تنقل كل شيء.. الهتافات و اللافتات و الاعداد.. اسمع رجلا يطلب من محادثه على الهاتف ان يجمع كل مسيحيي الحضره و فلمنج و ابوقير المعتصمين في كنائسهم لان الإعلام كله هنا في سيدي بشر

..

يعود عبد الغني ومعه مصوره .. يحاول دخول الكنيسه الا ان الجماهير تمنعه من دخولها .. " ماتدخلوش المسلم ده هنا " .. يحاول بعض رجال الكنيسه ادخاله بالقوه .. فينجح في هذا .. يثور المعتصمون اكثر و يستمرون في الهتاف .. و خلال الثوره الاخيره .. يحدث ما اعتبره اغبى ما حدث خلال اليوم

===================

لم يلاحظ المتظاهرون وهم يحاولون منع عبد الغني من دخول الكنيسه .. ان لواءات وظباط الشرطه.. اتجهوا الى المسجد .. خلعوا احذيتهم .. و امروا الامام باقامة صلاة العصر .. بالطبع بعد ان صفوا نحو المائه جندي امام المسجد ... وبينما يتظاهر الغاضبون وظهورهم للمسجد .. صدح الامام بالاذان .. لتستدير الجماهير كلية و تغرق في لحظة صمت توقعت بلا شك انها تسبق العاصفه .. غير ان المتظاهرين بدأوا في غناء الترانيم و الاناشيد ردا على الاذان .. كان الموقف مرعبا .. لان الاستفزاز في تلك اللحظه كان في اقصى درجاته .. توقعت في اي لحظه هجوما على المسجد .. قنابل مولوتوف او حتى صوت طبنجات .. لكن للامانه .. لم يقم المتظاهرون باي من هذا .. فقط رفعوا صوتهم بالانشاد حتى احترقت حناجرهم .. حاولوا تشتيت المصلين عن صلاتهم .. و طالب بعضهم رجال الكنيسه بدق الاجراس .. الا ان الرفض جائهم .. فحاولوا التربص للمصلين وقت خروجهم .. الا ان الامن كان بالمرصاد

...

احسست بالضعف والرغبه في الرحيل عن المكان .. قبل ان انفذ وجدت صحافيه امريكيه , في الداخل تحاول التفاهم مع الكثيرين بلا جدوى .. تطوعت بالترجمه .. و بينما تسأل الامريكيه الشباب القبطي عن ارائه .. سمعت عشرات النظريات المريضه التي طالما سمعتها في طرفنا . عن تخطيط المسلمين لافساد فرحة المسيحيين بالعيد القادم ..و اخر عن الموساد ودوره .. و ثالث عن مبارك و مصلحته في الفتنه

..

اما مجدي جرجس وهو محاسب .. فقد اصر على الصحفيه الامريكيه ان تكتب الحقيقه للعالم .وان تفهم ان الباباشنوده لا يريد التصريح بان هناك اضطهاد حتى لا يفجره فعلا ... وقال اكثر من مره : احنا مش عايزين امريكا تدخل زي العراق .. احنا عايزين قرصة ودن بس .. دي بلدنا اساسا واحنا نخاف عليها اكتر منهم بكتير

..

ترجمت لها الشعارات و الهتافات .. ثم اتجهت من فوري الى اقرب مقهى انترنت .. حيث ادون الآن عنما حدث

..

لا اعرف نهاية الموضوع بعد .. وصلتني وانا هنا صور(اخر اثنتين) وهبها اياي مصور صحفي كان يرسلها لجريدته عبر الانترنت .. كل ماسبق كتبته بلا مراجعه او تدقيق .. مجرد انطباعات عما جرى و تسجيل لم رأيته وسمعته , قد الاحقكم بالتفاصيل او لا افعل

=================

كلمه اخيره .. هذا بلد ضرب اهله الذل و العنصريه و الكره الى اعمق مما كنت اتصور

اتفهم طبعا رد فعل الاقباط هنا .. الا ان مجرما يدين بديانه لا يعني تجريم كل اصحابها .. لا يفعل هذا في النفوس سوى الذل .. و الإضطهاد و النكران و الاهم و الاكثر تأثيرا: التخوين

..
وكما قال احد المتظاهرين في هيستيريا : احنا بقالنا الف وربعمية سنه بنتبهدل ... كفايه بقى ندفن روسنا في التراب زي النعام

..

و يا مارك .. لا اخوة في هذا البلد .. لا تالت و لا تاني ولا عاشر

..

ابدا

الأحد، أبريل ٠٢، ٢٠٠٦

الحق فوق القوه


..
عرفت وزارة عدلي (بوزارة الثقه) وترجع هذه التسمية إلي سعد زغلول، الذي كان قد رأي تأليف (وزارة ثقة)، تضع الدستور وتتولي المفاوضات. وكتب من باريس في 11 فبراير 1920 إلي عدلي يكن، يشرح هذا المعني، وينوه بأن يتولي عدلي يكن تأليف الوزارة المرجوه
..

ولكن الصدام وقع بين سعد زغلول وعدلي يكن، بعد تفاقم الخلاف بينهما، حول شروط الوفد للاشتراك مع الوزارة في المفاوضات. وصار الخلاف بين الطرفين علنيا، بعد الحديث الذي أدلي به سعد إلي داود بركات، ونشرته (الأهرام) في 23 أبريل 1921. وجاءت أقوال رئيس الوفد كالتالي: ( لم يتم.. أي اتفاق بين الوفد والوزارة.. اشترطنا أن تعين مهمة المفوضين الرسميين، وتحدد بمرسوم سلطاني تحديدا يتفق مع مطلب الأمة ومبادئ الوفد.. أما هذه المهمة فيجب أن تكون: أولا- إلغاء الحماية إلغاء تاما صريحا.. ثانيا - الاعتراف باستقلال مصر استقلالا دوليا عاما..ثالثا- إلغاء الأحكام العرفية والمراقبة قبل الدخول في المفاوضات.. رابعا- أن تكون غالبية المفوضين الرسميين للوفد، وأن تكون رئاسة الهيئة المفاوضة من الوفد.. إن الوفد هو المسئول أمام الأمة عن المفاوضات ونتيجتها، فيجب حتما أن يكون بيده إدارتها حتي يتصرف فيها بإبداء كل ما يراه صالحا، ويوصلها ويقطعها علي حسب الأحوال
..

وفي حديثه لـ(الأهرام) يوم 25 أبريل ،1921 أعلن عدلي يكن موافقته علي الشرط الأول، والشرط الثاني بما فيه تحفظات الوفد علي مشروع ملنر . ثم أوضح أن »تعيين مهمة المفوضين الرسميين بمرسوم سلطاني.. يتنافر تنافرا كليا مع التقاليد الدستورية، لأن مسئولية الخطط السياسية يجب أن تتحملها الوزارة وحدها
..
أكد عدلي موافقته علي الشرط الثالث. وعن الشرط الرابع، قال: (إننا لا نمضي في تقرير مستقبل مصر أحزابا وشيعا.. ومن السهل جدا الاتفاق علي أعضاء هيئة المفوضين
..

ورد سعد فورا علي آراء عدلي، في خطابه بحفلة تكريمه بشبرا يوم 25 أبريل ،1921 معارضا لها، معلنا عدم الثقة في الوزارة. وكرر سعد قوله للجنة (ملنر) في 25 أكتوبر ،1920 أنه إذا عينت الوزارة المفاوضين المصريين، تجعل المفاوضة بين الأصل وفرعه، أي بين الحكومة الإنجليزية والحكومة الإنجليزية أيضا، »إذن فجورج الخامس يتفاوض مع جورج الخامس«. وهكذا انحصر الخلاف بين سعد وعدلي في رئاسة الوفد والأغلبية في أعضائه وتحديد مهمته بالمرسوم السلطاني
..
نتج عن الخلاف بين سعد وعدلي، الانقسام بين أعضاء الوفد. ففي 28 أبريل ،1921 بحثت هيئة الوفد موضوع اشتراكه مع الوزارة في المفاوضات، فرأت أغلبية الأعضاء ترك المفاوضة للوزارة، وعدم معارضتها فيها. ولكن سعد زغلول أصر علي رأيه، وعلي إعلان عدم الثقة بالوزارة. فاستقال علي شعراوي. وكتب حمد الباسل، عبد اللطيف المكباتي، محمد محمود، أحمد لطفي السيد، ومحمد علي علوبة، رسالة إلي رئيس الوفد نشروها في الصحف، اعترضوا فيها علي عدم اكتراثه برأي أغلبية الأعضاء، وأكدوا أن الخطة المثلي هي عدم اشتراك الوفد في المفاوضات. وأعلنوا ثقتهم في الوزارة ونبهوها إلي أن كل اتفاق لا يشمل تحفظات الأمة، لن يقابل من »الجمعية الوطنية« إلا بالرفض الصريح
..
ورد سعد زغلول علي رسالة الأعضاء ببيان وجهه للأمة يوم 29 أبريل ،1921 اتهمهم فيه بمخالفة الحق والتضامن والوحدة، واعتبرهم خارجين عن الوفد منفصلين عنه. وأكد »أن الوفد الممثل للأمة - بعد انفصال المخالفين عنه - يستمر في العمل: رئيسه وأعضاؤه المتفقون في المبدأ والغاية.. ويسعون بكل ما في وسعهم للقيام بما عاهدوا الأمة عليه حتي بلوغ الغاية«. ومنذ ذلك الوقت، سُمّي الأعضاء المنفصلون منشقين، وشملت هذه الصفة كل من خالف رأي سعد زغلول
..
إنضم إلي الأعضاء المنفصلين: عبد العزيز فهمي، حافظ عفيفي، عبد الخالق مدكور. ثم استقال جورج خياط في شهر يونيو 1921. فتألفت الجبهة المعارضة للوفد من أعضائه المنفصلين، وأعضاء من حزبي الأمة والوطني. وبقي إلي جانب سعد زغلول: مصطفي النحاس، واصف بطرس غالي، سينوت حنا، ويصا واصف وعلي ماهر
..
هكذا انقسمت الأمة المصرية وصحفها بين سعد ومعه أقلية أعضاء الوفد وأغلبية أفراد الأمة، من ناحية، وبين عدلي يسانده أغلب أعضاء الوفد الذين خرجوا منه، وأقلية الأمة، من ناحية ثانية. ومن ثم ظهر السلطان أحمد فؤاد كقوة تهدد سلطة الشعب وتعرقل حصوله علي حقوقه
..

واندلعت التظاهرات المعادية لعدلي يكن وأعضاء الوفد »المنشقين«، تنادي: »لا رئيس إلا سعد. لا مفاوض إلا سعد. سعد رئيسك يا عدلي«. وأفاد سعد زغلول من النشر في الصحف والخطابة في الحفلات، لإعلان رأيه علي الجماهير. بينما كانت تقاليد منصب عدلي يكن، كرئيس للوزراء، تقيد حركته، فاكتفي بالحديث الصحفي والبيان الرسمي. وأخذت الوزارة تتعقب خطب وبيانات الوفد بالمنع والحذف
..
وكانت أشد التظاهرات عنفا، هي التي اندلعت في طنطا يوم 29 أبريل ،1921 واصطدمت بالبوليس، فقتل أربعة وجرح أربعون من المتظاهرين. فاشتد تيار السخط علي الوزارة، من ناحية، وأفسحت الصحف صفحاتها لنشر الآراء والاقتراحات الرامية إلي التقريب بين السعديين والعدليين، وتأليف »جمعية وطنية« بالانتخاب، تبت في مسألة المفاوضة
..
وفي مواجهة السخط الذي أحاط بوزارة عدلي يكن، أراد رئيسها أن يقدم عملا يخفف من هذا الشعور السيئ، ويمهد لدخول الوزارة المفاوضات الرسمية. فاختار إلغاء الرقابة الصحفية السابقة للنشر، وصدر القرار في 15 مايو 1921. ولكن الحكومة ظلت متمسكة بزمام الأمور في يدها، بواسطة الأحكام الاستثنائية
..
استصدرت الوزارة من السلطان أحمد فؤاد، مرسومًا بتأليف الوفد الرسمي للتفاوض برئاسة عدلي يكن، وعضوية الوزراء حسين رشدي وإسماعيل صدقي ومحمد شفيق، ورئيس محكمة الاستئناف أحمد طلعت، والوزير السابق يوسف سليمان. واصطحب الوفد بعثة من المستشارين والموظفين
..
ورغم صدور أمر الوزارة إلي البوليس بمنع التظاهر، فقد ازدادت التظاهرات عنفا، ضد كل من خالف رأي رئيس الوفد. واشتبك المتظاهرون بالإسكندرية يوم 22 مايو 1921 مع بعض الأجانب، وتبادل الطرفان إطلاق الرصاص، فتدخل رجال البوليس والجيش. ووقع الكثير من الضحايا والخسائر. وأدان »المارشال اللنبي« المندوب السامي البريطاني التظاهر. بينما ناشد سعد زغلول الأمة المصرية الهدوء وحسن معاملة الأجانب. وصرح »ونستون تشرشل« وزير المستعمرات البريطانية، بأنه لا يري الوقت قد حان لجلاء الجيوش البريطانية عن مصر، فقوبل تصريحه بالاحتجاج من كافة الهيئات
..

ومضت وزارة عدلي يكن علي طريق قمع المعارضين لها، بشتي الوسائل والأسباب. ولكن الوفد استمر في معارضة الوزارة والتفاوض الرسمي. وقام رئيس الوفد وبعض أعضائه بجولة في أنحاء الصعيد، استخدموا فيها باخرة نيلية، بدأت رحلتها من الجيزة يوم 11 أكتوبر 1921. وعند وصولها إلي أسيوط يوم 14 أكتوبر، وقع صدام عنيف بين »السعديين« و»العدليين«، فتدخل رجال البوليس، وسقط الجرحي والقتلي. ولم تتم زيارة الوفد لأسيوط، ولم ينزل من الباخرة إلا في جرجا. ولما وصلت الباخرة إلي أسوان، قررت الحكومة رسميا، منع سعد زغلول من استكمال جولته، فعاد إلي الجيزة يوم 30 أكتوبر 1921. وحفظت النيابة العامة التحقيق في حوادث الجولة
==============
..
مبروك للوفد .. تطهير الجروح المتعفنة مؤلم دائما .. غير انه ضروري
..
عقبال اللي في بالي